سرعة الصوت في الهواء

سرعة الصوت في الهواء

يعدّ الصوت من أكبر وسائل التواصل بين الكائنات الحية انتشارًا؛ لما تتمتع به النبرات الصوتية من ثراء تنوعيّ، بين مختلف الكائنات الحيّة، فتكون أجدر على التعبير  والتواصل، فضلًا عن ذلك، فإن الصوت يتمتع بسرعة عالية في الانتشار في الهواء ، والانتقال من المرسل إلى المستقبل، فور صدوره من مصدره، والوقت الذي يستغرقه في ذلك يكاد يكون منعدمًا.

 

ولكن هذه السرعة تنشأ كبيرة، ثم تتسارع سلبيًا في التناقص؛ ويرجع ذلك إلى الطبيعة الموجيّة للصوت، وسرعة الصوت في الهواء، تمكّن طرفي التواصل من الاستجابة السريعة- لكليهما – بعضهم البعض، وهذا هو موضوع مقالنا، فتابعونا.

 

ماهيّة الصوت

لمعرفة ماهيّة الصوت، إليك هذه التجربة البسيطة، قف أمام مرآة، وضع ورقة خفيفة ومرنة أمام فمك، دون أن تلامسه، ثم تحدّث بصوت مرتفع مرة، ومنخفض مرة أخرى، ثم كرر ذلك بنبرات مختلفة، وراقب حركة الورقة جيدًا وأنت تفعل هذا، سوف تلاحظ أن الورقة تتذبذب، وتعكس نبرات صوتك، بحركتها الترددية المرنة.

 

وهذا يعني أن آلية عمل الصوت وانتقاله، هي آلية ميكانيكية؛ فالصوت أثناء انتقاله من فمك قام بخلخلة الهواء، ثم ضغطه ثانية بتذبذب، وفقًا لنبرات صوتك، وظهر هذا جليًا في حركة الورقة الترددية أمام فمك، وأيضًا المتوافقة تمامًا مع سرعة كلماتك.

 

من هنا يمكننا تعريف الصوت بأنه: “موجة، أو تردد ينتقل آليا، خلال وسط، من مصدر الصوت إلى المستقبل بسرعة فائقة”.

 

حتميّة وجود الوسط لانتقال الصوت

مما سبق نرى أن الصوت ينتقل آليا، أو من خلال حركة ميكانيكية للوسط، وهذا على خلاف الموجة الكهرومغناطيسية، ولتأكيد هذا تم إجراء التجربة الآتية:

تم وضع جرس كهربائيّ في قارورة زجاجية، محكمة الغلق، ومفرغة من الهواء، ثم تمّ توصيل الجرس بمصدر للتيار الكهربائيّ، وتمت مراقبة الجرس؛ فلوحظ حركة الجرس مع كل توصيل للتيار الكهربائي للجرس، دون سماع أي صوت له، وهذا يؤكد أن الصوت لا ينتقل في الفراغ، ولابد من وجود وسط مادي ينتقل خلاله، كالهواء مثلًا.

 

سرعة الصوت في الهواء

تتعدد الوسائط الناقلة للصوت، فمنها الصلب والسائل، و الغازيّ، وأيضًا تتعدد سرعات الصوت تبعًا لتعدد تلك الوسائط؛ وذلك يرجع إلى التكوين الفيزيائيّ لتلك المواد، وقابليتها للانضغاط؛ فكلما كان الوسط قابلًا للانضغاط كلما كان أقل قابلية لنقل الصوت؛ فسرعة الصوت تتناسب عكسيًا، مع قابلية الوسط للانضغاط.

 

ولقياس سرعة الصوت في الهواء، قام العلماء بإجراء التجربة التالية:

أولًا: تمّ إحضار أنبوب زجاجيّ مدرج مفتوح الطرفين، ثم إحضار إناء به ماء، ارتفاعه أقل قليل من طول الأنبوب، وباستعمال شوكة رنانة معلومة التردد، وليكن ترددها (ر)، مع ملاحظة درجة حرارة الغرفة.

ثانيًا: تمّ وضع الأنبوب الزجاجيّ في الماء، ونقر الشوكة الرنانة، مع وضعها فوق فتحة الأنبوب الزجاجيّ، وتحريك الأنبوب لأعلى وأسفل، حتى تمّ سماع صوت الشوكة صادرًا من الأنبوب بوضوح، وعندئذ تمّ تثبت الأنبوب عند هذا المستوى.

 

ثالثًا: ثم تمّ قياس المسافة بين فتحة الأنبوب وسطح الماء، ولتكن تساوي (ص سم).

رابعًا: ومن خلال العلاقة الرياضية الآتية:

سرعة انتشار الموجة الصوتية = [4 × ص × ر ]

 

مع العلم أن العدد 4 هو ثابت فيزيائيّ، يعني أن صوت رنين الشوكة يظهر بوضوح، عندما تكون المسافة بين فتحة الأنبوب وسطح الماء، مساويًا لربع طول الموجة، وبالتجربة وجد أن، سرعة الصوت في الهواء = 343م/ ث، عند درجة حرارة 20م°.

 

العوامل التي تؤثر في سرعة انتشار الصوت في الهواء

هناك العديد من العوامل التي تؤثر في سرعة انتشار الصوت منها:

درجة الحرارة: تعتبر درجة الحرارة من أهم  العوامل، التي تزيد من سرعة الصوت عند ارتفاعها، حيث تبلغ سرعة الصوت في الهواء 383م عند درجة حرارة 100م°.

درجة الرطوبة: حيث تحدّ درجة الرطوبة العالية من سرعة انتشار الصوت.

العوائق: نظرًا لأن الموجات الصوتية هى موجات آلية، أو ميكانيكية؛ وبالتالي فإن الاصطدام بأي عوائق مثل الحوائط أوالجبال وغيرها، يحدّ من انتشارها.

 

وهكذا تمّ قياس سرعة الصوت في الهواء بدقة عالية، وتمّ استخدامها في تحديد المسافات البعيدة، من خلال ظاهرة الارتداد (صدى الصوت)، ويرجع قياس سرعة الصوت إلى علماء عظام، ساهموا في خدمة البشرية، مثل أبو الريحان محمد البيروني، أول من لفت الأنظار إلى دراسة الصوت، وسرعته، وغيره الكثير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *