ماهيّة القوة المغناطيسيّة ؟ وانواعها واستخداماتها

القوة المغناطيسية

هي القوة الخفيّة، أو القوة السحريّة، هكذا كانوا يسمونها قديمًا؛ فهي قوة جذب طبيعية، أو خاصية يتمتع بها معدن المغناطيس، الذي ظهر على القشرة الأرضية؛ مما يرجح أنه من مخلفات الشهب والنيازك المحترقة، ولا يمكن القطع تحديدًا من صاحب اكتشافه، أو حتى في أي عام، لكنه ظل فترة طويلة من الزمن موجودًا في الطبيعة، بدون أي استخدام يعود على البشرية بالخير، إلا النذر اليسير، والذي تمّ استخدامه بشكل تطبيقيّ.

حيث تمّ استخدامه في بعض الحروب قديمًا، في تعطيل العجلات الحربية، أو استخدامه في آلات تشبه المنجانيق؛ ليلتصق بالدروع الحديديّة؛ ليتم شدّها من العدو، إلى أن جاء العالم الكبير مايكل فاراداي، الذي غير مجرى التاريخ، باستغلال القوة المغناطيسية، وهي موضوع مقالنا، فتابعونا.

 

ماهيّة القوة المغناطيسيّة

قبل أن نتحدث عن القوة المغناطيسية، علينا أولًا التعرف على التركيب الذريّ للمادة عامة، ثم المادة المغناطيسة، ومنها يتضح لنا ماهية القوة المغناطيسية؛ فأي مادة لها وحدة بنائية أولية، والجزئ هو وحدة بناء المادة التي تحمل خواصها، ويتكون الجزئ بدوره من وحدة بنائية يطلق عليها الذرة.

والذرة تتكون من نواة متعادلة كهربيًا، تضم مجموعة من البروتونات، والنيترونات المتكافئة، تدور حولها الإلكترونات في مدارات، وبكل مدار يوجد عدد من الإلكترونات، هذا العدد هو الذي يحدد نشاط المادة أو خمولها.

 

التركيب الذريّ للمغناطيس

المغناطيس كأي مادة يتشابه مع غيره من المواد، إلا أن المدار الخارجي لذرة مادته غير مكتمل إلكترونيا؛ مما يدفعه للاستقرار الإلكتروني، فيعمل على جذب بعض المواد المعدنية إليه، والتركيب الذري لمعدن المغناطيس، هو التركيب الذري للحديد، ويطلق عليه المغنتيت، ويأخذ الصيغة الكيميائية Fe304.

وبالتالي يمكن تعريف المغناطيس بأنه: “نوع من أنواع الحديد، يكون له خاصية القدرة على جذب مركبات الحديد طبيعيًا، أوصناعيًا، باستخدام الجهد الكهربي”.

 

شكل الفيض المغناطيسيّ

يصنع المغناطيس فيضًا مغناطيسيًّا بين طرفيه أو قطبيه، وهذا الفيض يتركز في الأطراف، ويكاد ينعدم في المنتصف، وهذا الفيض المغناطيسيّ لا يمكن رؤيته بالعين، ولكن يمكن الاستدلال عليه شكلًا، من خلال وضع قطعة من الورق المقوّى، فوق مغناطيس على شكل متوازي مستطيلات- لإمكانية رؤية شكل الفيض بوضوح – ثم يتم نثر برادة الحديد فوق الورقة، مع النقر عليها نقرًا خفيفًا.

سوف نلاحظ تكوّن خيوط من برادة الحديد، تمتدّ بين قطبيّ المغناطيس وعلى جانبيه، مع تركزها عند الأقطاب، وانخفاضها في المنتصف، ويمثل شكل برادة الحديد فوق الورقة، شكل الفيض المغناطيسيّ، الممتدّ بين قطبيه.

 

أنواع القوة المغناطيسيّة

يوجد نوعان من القوة المغناطيسيّة، نوع يوجد في الطبيعة، وتكون مغناطيسيته دائمة؛ فهي صفة ملاصقة للمغناطيس، ونوع آخر يكون صناعيًا، باستخدام الجهد الكهربائيّ، ويمكن تناولهما بشيء من التفصيل الآتي:

 

أولًا: المغناطيس الطبيعيّ: ويتكون من عدة معادن منها:

نيوميوم (بورون): وهو من أنواع المغناطيس النادرة، والتي تتكون طبيعيًا في الأرض، ويكون ذو قوة مغناطيسية عالية جدًا.

ساماريوم ( كوبالت): وهو ذو خواص مغناطيسية متفردة؛ حيث يمتلك نسبة عالية من المغناطيسيّة، وكذلك فهو عالي درجة الانصهار، والتي تقترب من 3000°م.

 

ثانيًا: المغناطيس الصناعي

بالرغم من أن المغناطيس الصناعي غير دائم المغناطيسية، إلا أن قوة مغناطيسيته تفوق المغناطيس الطبيعي مئات المرات، وهو يتكون من ملف من السلك المعزول، والذي يتم لفّه العديد من اللفات على قلب من الحديد، والمصنوع على هيئة شرائح حديدية، متراصة بعضها فوق بعض، ويتم الفصل بين كل شريحة وأخرى بمادة عازلة؛ لخفض درجة حرارته عند التشغيل.

ثم يتم توصيل طرفيّ الملف بمصدر للتيار الكهربائيّ، والذي ينشأ عنه فيض مغناطيسيّ، يترتب عليه مغنطة القلب الحديد، تتوقف قوة مغناطيسيته على كتلة القلب الحديدي، وعدد لفات السلك المعزول، وشدّة التيار.

 

استخدامات القوة المغناطيسية

تعتبر استخدامات القوة المغناطيسيّة، سواء الدائم منها، أو المؤقت  (الكهربائي)، استخدامات لا حصر لها، ويمكن ذكر البعض منها على النحو التالي:

  • رفع الأثقال: وفيها يتم استخدام المغناطيس الكهربائيّ في روافع المعادن؛ لما يتمتع به من قوة هائلة في رفع الأثقال الحديدية ونقلها.
  • في مجال الطبّ: حيث يتم استخدام القوة المغناطيسيّة، في عمل أشعة الرنين المغناطيسيّ، والتي تعدّ من أحدث تكنولوجيا التشخيص.
  • الدوائر الإلكترونية: وفيها يتم استخدام القوة المغناطيسية على أوسع نطاق، مثل عمل سماعات الأجهزة الصوتية، وكذلك تكوين بعض الدوائر الإلكترونية، وصناعة المحركات الصغيرة، وغيرها.

 

استطاع الإنسان أن يسخّر القوة المغناطيسيّة، واستعمالها في شتى مجالات الحياة، وعلى الرغم من أنه تمّ اكتشافها من قديم الزمان، إلا أنه لم يتم الاستفادة منها بشكل كامل إلا حديثًا، وعلى أوسع نطاق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *