استطاع الإنسان على مرّ العصور تغيير سلوك حياته من خلال اختراعاته، وابتكاراته، واكتشافاته المتعدّدة، ولكن باكتشافه أو اختراعه الكهرباء قد غيّر نمط حياته بالكليّة، فقهر ظلمة الليل، واختزل الزمان والمكان، وبدّد برودة الشتاء وحرّ الصيف، وقد نالت الكهرباء من البحث والتجريب من قِبل العلماء ما لم ينل أيُّ اكتشافٍ أو اختراعٍ آخر، فمن العلماء من عكف على دراسة فرق الجهد الكهربيّ، ومنهم من عكف على دراسة المقاومة الكهربيّة، ومنهم أيضًا من عكف على دراسة شدّة التيار الكهربيّ؛ حيث أنّ لكلٍّ من هذه الدراسات البعد العلميّ والتطبيق العمليّ في مختلف مجالات الحياة، ومع وحدة قياس شدّة التيار الكهربائيّ سوف يكون موضوع مقالنا، فتابعونا.
اكتشاف الكهرباء
مرّ اكتشاف الكهرباء بالعديد من المراحل المتراكمة، التي لا نستطيع معها القطع بمن هو مكتشف الكهرباء على وجه التحديد؛ حيث أنّ اكتشافها لم يتمّ دفعةً واحدة، ولكن ساهم كلّ عالم بقدرٍ أو آخر في اكتشافها، بدءًا من اكتشاف القوّة المغناطيسيّة المتولّدة من احتكاك الكهرمان بمادة الصوف، وما يعبّر عنها بالكهرباء الساكنة، مرورًا بالتيار الكهربائيّ الكيميائيّ.
ثمّ الكهرباء المتولّدة من قَطع خطوط الفيض المغناطيسيّ، حتّى الكهرباء التي نعرفها اليوم بمختلف صورها، ولكن يعدّ من أبرز علمائها ألساندرو ڤولتا، ثمّ توماس إديسون، فمايكل فاراداي، وكل ذلك في خلال الفترة من 1750م حتى 1850م، أي أنّ اكتشافها وتوطيد استخدامها في الحياة استغرق قرابة مائة عام.
التيار الكهربائي
أيًّا كان مصدر الكهرباء فجميع تلك المصادر يعمل على استثارة الإلكترونات وانتقالها عبر الموصّل، ويمكن اتّخاذ الكهرباء المتولّدة من فكرة عمل ومكوّنات الدينامو مثالًا لذلك كالآتي:
المغناطيس: نعلم أنّ للمغناطيس مجالًا مغناطيسيًّا ينتشر بين قطبيه، ويتمركز عند الأطراف، ويتضائل عند المنتصف.
النحاس: يمتاز النحاس كمعدن بقدرته الجيّدة على توصيل الكهرباء؛ ويرجع ذلك إلى التكوين أو التوزيع الإلكترونيّ لذرّاته.
قَطع الفيض المغناطيسيّ: إذا قطع معدن أو موصّل مجال الفيض المغناطيسيّ الممتدّ بين قطبيه، فإنّ ذلك يعمل على استثارة إلكترونات ذرّات الموصّل، وبالتالي تنتقل تلك الإلكترونات بين طرفيّ الموصّل وفقًا لاتّجاه حركة قطع الموصّل للفيض المغناطيسيّ.
ومع استمرار تردّد قطع الفيض المغناطيسيّ، يستمر تدفّق تلك الإلكترونات، ويستمر ذلك باستمرار دوران ملفّ الدينامو المعدنيّ بين قطبيّ المغناطيس، ومن هنا يمكننا تعريف التيار الكهربائيّ بأنّه: “سيل من الإلكترونات التي تنتقل عبر موصّل”.
وحدة قياس شدّة التيار الكهربائيّ
من خلال تعريف الكهرباء السابق نستطيع أن نستنتج أنّ التيار الكهربائيّ المتولّد بالموصّل ليس واحدًا من حيث الشدّة، فهو يعتمد على قطر الموصّل، وقوّة الفيض المغناطيسيّ، والزمن المستغرق لتوليد ذلك التيار، فشدّة التيار تعبّر عن كميّة الكهرباء المتدفّقة عبر الموصّل خلال وحدة الزمن، ويُعبَر عنها بالأمبير نسبةً إلى العالِم آندريه أمبير، وتُقاس بجهاز الأميتر.
قياس شدّة التيار الكهربائيّ
توجد هناك العديد من الطرق والقوانين التي يمكن من خلالها قياس شدّة التيار الكهربائيّ، ولكن استخدام أيٍّ منها يعتمد على المعلومات المتوفّرة عن التيار الكهربائيّ، حتى يمكن استخدام قانون دون آخر، وسوف نتناول قياس شدّة التيار الكهربائيّ بواسطة قانون أوم الذي يعتمد على فرق الجهد والمقاومة؛ وذلك لأهميته العمليّة، وذلك من خلال العلاقة الرياضيّة الآتية:
قانون التيار الكهربائي
شدّة التيار الكهربائيّ = فرق الجهد ÷ المقاومة.
وحدة قياس شدة التيار الكهربائي
وحدة قياس شدة التيار الكهربائي هي الأمبير (بالإنجليزية: Ampere) ورمزه (A). ووحدة الأمبير لها أجزاء مثل الملي امبير (mA) , و الميكرو امبير (uA).
- 1 امبير = 1000 ملي امبير ( 1A = 1000mA )
- 1 امبير = 1000,000 ميكرو امبير ( 1A = 1000,000uA )
مثال تطبيقيّ:
أراد صاحب مصنع السلام لصناعة الأثاث تطوير مصنعه، وذلك من خلال تغيير بعض المحرّكات الكهربائيّة بأخرى أقوى منها، فعرض ذلك على مهندس الكهرباء الذي توافرت لديه المعلومات الآتية:
- قوّة المحرّكات الجديدة المقترح تركيبها 3 حصان.
- شدّة التيار المطلوبة لعملها 20 أمبير.
- فرق جهد التيار بالمصنع 220 ڤولت.
- المقاومة 12 أوم.
بماذا ينصحه المهندس؟
*الحلّ:
شدّة التيار بالمصنع = 220 ÷ 12 = 18.33 أمبير.
إذًا عليه شراء محرّكات جديدة أخرى تحتاج إلى شدّة تيار أقلّ من 18 أمبير، أو ذات مقاومة أقلّ من 12 أوم، وإلّا لن تعمل المحرّكات بالكفاءة المطلوبة.
إنّ معرفة قياس شدّة التيار الكهربائيّ من الأمور الهامّة، التي يجب علينا الإلمام بها بصفةٍ عامّة؛ حتّى نستطيع عندما نُقدِم على شراء جهازٍ كهربائيٍّ ما، أن نقرّر من خلال المعلومات المدوّنة عليه من قِبل الشركة المصنّعة أنّه مناسب للعمل في منازلنا، أو الغرض منه أم لا؛ حتى لا نقع في مشكلة ما بعد الشراء، وهدر أموالنا، وتعطيل مصالحنا، ثمّ نكتشف أنّ المشكلة الحقيقيّة ترجع إلينا نحن في عدم إلمامنا الجيّد بما يجب أن نعلمه.