يرتبط انتعاش السوق بالمستوى الاقتصاديّ للبلد الذي يُقام فيه، والذي يعتمد بطبيعة الحال على مستوى دخول الأفراد بها، ويرتبط ازدهاره وانكماشه أيضًا بمستوى التضخّم العامّ للعملة المحليّة التي يُدار بها السوق، ويعدّ السوق من أقدم التجمّعات البشريّة التي عرفها الإنسان عندما عرف الاستقرار والحياة الحضرية، وتطوّر مفهوم السوق مع مرور الوقت، ومن بلد لآخر، فانتقل من أسلوب المقايضة البدائيّة- سلعة بسلعةٍ أخرى- إلى أسلوب التبادل بسلعة وسيطة وهي النقود، والتي يُطلق عليها عمليّة البيع والشراء، ثمّ التبادل عبر المحفظة الإلكترونيّة، فما هو تعريف السوق؟ تعالوا نتعرّف عليه من خلال مقالنا هذا، فتابعونا.
نشأة الأسواق
لا يعرف الإنسان الاكتفاء الذاتيّ؛ فهو مستهلك متنوّع، ودائمًا ذو احتياجاتٍ متعدّدة ومتجدّدة، وبطبيعة الحال لا يسعه الوقت أو الجهد أو الخبرة لإنتاج كلّ شيء؛ حتّى يلبّي كلّ رغباته الشخصيّة بنفسه؛ فلذلك هو يلجأ إلى التعاون مع الآخر لتبادل المنتجات لسدّ تلك الاحتياجات المتنوّعة.
ومن هنا جاءت فكرة السوق؛ حيث يعرض كلّ شخصٍ ما هو فائضٌ عنه من السلع التي ينتجها؛ ليتبادلها مع سلعٍ أخرى هو في احتياج إليها، وفائضةٍ عن الشخص الآخر، وتطوّرت فكرة المبادلة المباشرة مع مرور الوقت إلى التجارة الإلكترونيّة في يومنا هذا.
تعريف السوق
اختلف الاقتصاديّون في تعريف السوق، ويرجع هذا الاختلاف إلى الطبيعة المعقّدة أو المركّبة التي آل إليها مفهوم السوق اليوم، ولكن يمكننا تعريف السوق بأنّه هو:
الحالة التي يلتقي فيها قبول العرض بالطلب ما بين البائع والمستهلك، وفقًا للسعر العادل للسلعة أو الخدمة محلّ التقاء رغبتيهما، ويكون هذا بشكلٍ مباشر يدًا بيد باستخدام النقود، وهنا يُطلق عليه سوقّا تقليديًّا، أو بشكلٍ غير مباشر باستخدام الحساب البنكيّ، وهنا يُطلق عليه مسمّى البورصة، أو باستخدام المحفظة الإلكترونيّة، وهنا يسمّى سوقًا أو تجارة إلكترونيّة
اقرا: تعريف الثقافة ومفهومها ؟ واهم مكوناتها ؟
عوامل السوق
يعتمد نشاط أو كساد السوق على عدّة عوامل (آليّات)، نتناولها على النحو التالي:
- العرض: وهو عبارة عن كميّة السلع والخدمات المعروضة، ومدى كفايتها في سدّ احتياجات مجموعة المستهلكين في وقت الطلب، والتي يستطيع المشتري الوفاء بثمنها حالَ عرضها.
- الطلب: وهو عبارة عن حاجة المستهلك من السلع والخدمات المعروضة، والتي يستطيع الوفاء بثمنها حالَ طلبها.
- الثمن: وهنا المقصود به الثمن العادل، أي الذي يستطيع عنده المشتري التخلّي عن نقوده، والبائع التخلّي عن سلعته، بمحض إرادتيهما، وفقًا لآليّات المنافسة الحرّة.
- مستوى التضخّم: وهو الذي يُعبّر عن القيمة الفعليّة للنقود، أو القوّة الشرائيّة لها، فكلّما زادت نسبة التضخّم، كلّما أثّر ذلك بالسلب على انتعاش السوق، وكلّما انخفض مستوى التضخّم، كلّما أثّر ذلك بالإيجاب على مستوى السوق.
- أذواق المستهلكين: حيث أنّ الإنسان كائنٌ متجدّد الاستهلاك، فكلّما ظهرت منتجات تلبّي أذواق المستهلكين المتجدّدة، كلّما انتعش لذلك المستوى العامّ للسوق، مثل ظهور الهواتف الذكيّة التي كان ظهورها بمثابة سوقًا رائجًا لتلك السلعة، وهكذا.
اقرا: ما هي البرجوازية؟ وأهم سماتها ، وتعرف على أنواعها
أنواع السوق
تتعدّد أنواع السوق مع تعدّد مرونة العرض والطلب، وذلك ما يمكن بيانه كالآتي:
سوق المنافسة الكاملة (الحرّة): وهي السوق التي تلتقي فيها رغبات المستهلك مع البائع عند مستوى السعر العادل، دون التدخّل من خارج آليّات السوق؛ لتحديد السعر العادل عند التقاء مستوى العرض مع مستوى الطلب، وهنا يلتقى منحنى العرض مع منحنى الطلب عند مستوى السعر العادل.
السوق الاحتكاريّ (الموجّه): وهو السوق الذي يقوم فيه البائع باحتكار السلعة، فيعمل على تقلّص منحنى العرض؛ ممّا يرافقه زيادة ظاهريّة في منحنى الطلب، أي اتّساع الفجوة المفتعلة بين منحنى العرض ومنحنى الطلب؛ للعمل على زيادة سعر السلعة، أي الانتقال بالسعر من السعر العادل إلى السعر المجحِف.
والذي قد يتوقّف عنده الطلب العامّ عن الشراء، واستبدال السلعة بأخرى، أو الاستغناء عنها كليّة، وهنا يحدث عكس ما كان يبتغيه البائع من تكبّد خسائر فادحة؛ لحدوث ركود السلعة بدلًا من الإقبال عليها.
شاهد الفيديو التالي:
اقرا أيضا
- ما هو الظل؟ وخصائصه؟ والمواد والظاهرة الكونية المرتبطة به
- ما هو الحداد وتعريفه؟ ومظاهره وأهم شعائره، ومشروعيته
- تعريف الفلسفة، وماهيّتها، وموضوعاتها
لقد أثبتت الدراسات الاقتصاديّة على السوق، أنّ أفضل أشكال السوق بالنسبة للبائع والمستهلك هي سوق المنافسة الكاملة غير الموجّهة (غير الاحتكاريّة)، وإذا كان على الدولة ثمة تدخل في السوق، فليكن ذلك بدعم المواطن بزيادة الرواتب، أو بدعم المنتج بخفض الضرائب مثلًا، ولكنّ كلّ هذا بعيدًا عن التدخّل في آليّات السوق الحرّة، وإلّا فسوف يخسر الجميع.