إن تحديد كتلة الجسم، وسرعته، واتجاهه، والقوة التي يعمل بها، يعدّ أمرًا بالغ الأهمية في علم الفيزياء؛ حيث يتوقف كل واحد منهم على ثبات باقي المتغيرات الأخرى؛ فإذا كان المطلوب تحديد القوة التي يعمل بها الجسم المتحرك، مثلً، فلابد من تحديد باقي المتغيرات الأخرى تحديدًا دقيقًا، من كتلة، وسرعة، واتجاه.
أما القوة الطاردة المركزية، فهي أثر للحركة ذاتها، ولكنها في ذات الوقت تتوقف على المتغيرات السابقة، وهي أيضًا تعمل في اتجاه مضاد لقوة الجاذبية المركزية؛ فقوة الجاذبية المركزية، والقوة الطاردة المركزية، هما قوتان متساويتان في المقدار، ومتضادتان في الاتجاه، والمزيد عن القوة الطاردة المركزية هو ما سوف نتناوله خلال مقالنا هذا، فتابعونا.
ماهيّة القوة الطاردة المركزية
قبل أن نتناول القوة الطاردة المركزية، لابد لنا من تناول قوة الجاذبية المركزية أولًا حتى يتسنى لنا فهم وإدراك ماهية القوة الطاردة المركزية، فعندما نربط كرة ذات كتلة (ك)، في خيط طوله (ل)، ثم نقوم بحركة الكرة حركة دورانية بسرعة (ع)، وفي الاتجاه (س)؛ سوف نلاحظ أن الكرة تتحرك على محيط دائرة نصف قطرها (ل).
ونلاحظ أيضا أن الكرة مع الحركة تنزع للانطلاق من الخيط إلى الخارج بالقوة (ق)، وفي المقابل هناك قوة مكافئة أخرى تمنعها من هذا، وهذه القوة هي قوة الجاذبية المركزية، فتجعلها لا تنزع إلى الخارج.
قانون قوة الجاذبية المركزية
ولحساب قوة الجاذبية المركزية، للكرة التي تنزع للفكاك من الخيط مع الحركة، استطاع الفيزيائيون الكلاسيكيون إيجاد تلك القوة من القانون الآتي:
ق = ك × س2 / × ل.
حيث (ق) هي قوة الجاذبية المركزية، و(ك) هي كتلة الجسم، (ل2) هي مربع نصف القطر.
وفي المثال السابق، إذا كانت (ك) = 5 كجم ،و(س) = 50 م / ث ، و(ل) = 0.5؛ فإن قوة الجاذبية المركزية تساوي 62.5 نيوتن، أي أن الكرة يتمّ شدّها للداخل؛ حتى لا تفلت من الخيط بقوة 25000 نيوتن.
القوة الطاردة المركزية
مما سبق اتضحت لنا ماهية قوة الجاذبية المركزية، وبالمثل فإن القوة الطاردة المركزية، هي نفس قوة الجاذبية المركزية، ولكنها تعمل في عكس اتجاهها، فإذا كانت قوة الجاذبية المركزية تعمل للداخل، فإن القوة الطاردة المركزية تعمل للخارج، وإذا كانت قوة الجاذبية المركزية تعمل في اتجاه الشمال، فإن القوة الطاردة المركزية تعمل في اتجاه الجنوب، وهكذا.
وعلى هذا يمكن تعريف قوة الطرد المركزي، بأنها: ” القوة التي تعمل على أن يحافظ الجسم على حركته الدائرية، طالما كان مستمرًا في نفس الحركة”.
قانون حساب القوة الطاردة المركزية
كما أسلفنا القول، بأن القوة الطاردة المركزية تساوي قوة الجذب المركزي ، ولكنها في عكس اتجاهها، فإنه لحساب القوة الطاردة المركزية، أولًا علينا حساب قوة الجاذبية المركزية، ثم نقوم بعكس إشارتها من الموجب إلى السالب، أو العكس.
فإذا كان جسم كتلته 10 كجم، يتحرك بسرعة 100م/ث، في اتجاه دائري نصف قطر 4م، فإن القوة الطاردة المركزية يمكن حسابها من القانون الآتي:
القوة الطاردة المركزية = (-) قوة الجاذبية المركزية = ك × س2 / ل، أي تساوي – 10 × 100(2 ÷ 4 – = 25000
نيوتن، أي نفس قوة الجاذبية المركزية وفي عكس اتجاهها.
العلاقة بين قوة الجاذبية المركزية والقوة الطاردة المركزية
تَلاحَظ لنا مما سبق، أن القوتين الجاذبة المركزية، والطاردة المركزية، متساويتان في المقدار، ومتضادتان في الاتجاه؛ أي أنهما يعملان ضدّ بعضهما البعض، فالجسم المتحرك في اتجاه دائري، تحت تأثير قوة الجاذبية المركزية، والقوة الطاردة المركزية، فإن القوة المحصّلة المؤثّرة عليه تساوي صفرًا.
وهذا ما يعلّل اتجاه حركة الكرة، التي تتحرك في اتجاه دائري، إذا نزعت من الخيط، فإنها سوف تستمر في الحركة، ولكن في اتجاه مستقيم تاركة الاتجاه الذي كانت تتحرك فيه، وهو الاتجاه الدائري، وهذا ما يطلق عليه اصطلاحًا القصور الذاتي، وهذا هو أثر للمحصّلة الصفرية للقوة الجاذبة، والقوة الطاردة المركزية.
تطبيقات القوة الطاردة المركزية
للقوة الطاردة المركزية استخدامات عديدة، في الكيمياء، ومجالات الفضاء، وغيرها، ويمكن ذكر بعض منها في الآتي:
الكيمياء: وفيها يتم استخدام قوة الطرد المركزي، عند تحضير عينات الدمّ لتحليلها؛ فيتم وضع العينة في جهاز يتحرك بقوة دائرية كبيرة، فيتم عزل مركباته، لاختلاف كتل مركبات الدمّ، فيسهل فحص كل مركب على حدة
الفضاء: وفيه تستخدم قوة الطرد المركزي، عند تسارع حركة الصواريخ؛ لفقدها الوقود لاحتراقه باستمرار، والذي يؤثر سلبًا على الكتلة؛ مما يؤدي إلى تسارع حركة الصاروخ.
وبفضل القوة الطاردة المركزية، يستمر التوازن الفيزيائي للكون، بين الكواكب والنجوم وبعضها البعض، ويستغله العلماء في مزيد من الاستخدامات الكيميائية، والفضائية، وغيرها من الاستخدامات العديدة.