تمثّل الحركة مظهرًا من أهم مظاهر الحياة بصفة عامة، فكل ما يوجد من حولنا هو في حالة حركة دائمة، حتى عمود الإنارة، أو الحائط الذي قد ترتكز عليه، هو أيضًا في حالة حركة مستمرة، ولكن طالما أننا في محيط حركته؛ فإننا سوف لا نلاحظ تلك الحركة.
والحركة والزمان مترافقان، أيهما فُقد، فُقد الآخر تلقائيًّا أيضًا، فلا وجود للحركة بدون انقضاء جزء من الزمن قلّ أم كثر، ولا تمضي برهة من الزمن، دون أن نكون في حالة حركة، فالزمان والمكان، أو ما يطلق عليه فيزيائيًّا مصطلح (الزمكان)، يرتبط بهما الجسم ليكون في وصف “في حالة حركة”، وهو موضوع مقالنا، فتابعونا.
ماهيّة الحركة
في بعض الأحيان عندما نسافر بالقطار، ونكون في حالة عجلة من أمرنا للوصول إلى مكان ما، نترقّب عقارب الساعة، وهي تقفز ثانية تلو الأخرى، وعينانا تراقب المسافة تنطوي خلفنا، ونلاحظ ذلك من خلال تتابع حركة المنازل، أو الأشجار، أو أعمدة الإنارة وهي تمرّ سريعًا.
يحدث كل هذا ونحن نتحدث إلى من يجلس على الكرسيّ الآخر بجوارنا، وكلانا ساكن بالنسبة للآخر، والقطار يتحرك بالجميع، إذن فيمكننا تعريف الحركة بأنها هي: “انتقال الجسم من نقطة لأخرى، خلال زمن معين، وهي نسبيّة من حالة لأخرى”.
نسبيّة الحركة
لا نستطيع أن نحكم على جسم ما، أنه في حالة سكون أو في حالة حركة، إلا عندما ننسب موضع ذلك الجسم، بالنسبة لموضع جسم آخر، ففي المثال السابق لاحظنا حركة القطار؛ لأننا نسبنا حركته بالنسبة للمنازل، والأشجار، وأعمدة الإنارة الساكنة، فهو يغيّر موضعه من نقطة لأخرى، مع مرور الزمن لحظة بلحظة بالنسبة لتلك الأشياء؛ فلذلك نلاحظ حركة القطار ونحكم عليه أنه في حالة حركة.
أما الشخصين الجالسين على الكرسيين المتجاورين، فكل منهما ثابت بالنسبة للآخر؛ لأن أي منهما لا يغير موضعه مع مرور الزمن بالنسبة للآخر، أي لا يننتقل من نقطة إلى أخرى بالنسبة للآخر مع مرور الزمن؛ لذا فهما ساكنان بالنسبة لبعضهما البعض.
لكن في نفس الوقت القطار يتحرك بهما معًا، إذن فهما في حالة حركة بالنسبة لمن هو خارج القطار؛ لذلك فالحركة هي حالة نسبية دائمًا، فالجسم يمكن وصفه في حالة سكون، وأيضًا في ذات الوقت يمكن وصفه في حالة حركة، ولكن كل هذا يُؤخذ بالنسبة لموضع جسم آخر خارج محيطهما.
أنواع الحركة
عندما ننتقل من مكان لآخر سيرًا على الأقدام، فنحن نُحدث نوعً من الحركة، أما عندما نركب الدراجة،فعجلة الدراجة تحدث نوعًا آخر من الحركة، وكذلك عندما نلقي بكرة السلة للأمام، فالكرة تحدث نوعًا ثالثًا من الحركة، ويمكن تناول أنواع الحركة على التفصيل الآتي:
أولًا: الحركة الانتقاليّة
تحدث الحركة الانتقاليّة عندما ينتقل الجسم، أو يغير موضعه من النقطة (أ) إلى النقطة (ب)، في زمن قدره (ز)، أي أن الحركة الانتقاليّة هي حركة خطيّة، فيمكن تمثيلها بيانيًّا بخط مستقيم مارٍّ بنقطة الأصل، مثل الحركة سيرًا على الأقدام، وهنا يمكن وصفه بأنه في حالة حركة انتقاليّة.
ثانيًا: الحركة الاهتزازيّة (البندولية)
عندما يتحرك الجسم من النقطة (أ) إلى النقطة (ب) في زمن قدره (ز)، ثم يرتدّ في الزمن التالي من النقطة (ب) إلى النقطة (أ)، ويكرر نفس الحركة خلال نفس الزمن السابق، فيمكن وصف الحركة في هذه الحالة، بأنها حركة هتزازيّة، ويمكن تمثيله بيانيًّا بخط مستقيم، موازيًا لمحور السينات.
ثالثًا: الحركة الدائريّة
عندما نلقي بكرة السلة مثلًا، فإنها تنتقل من حالة السكون إلى حالة الحركة، ثم تأخذ سرعتها في التسارع إلى أقصى سرعة، ثم تتناقص سرعتها تدريجيًّا مع مرور الزمن إلى أن تصل إلى الصفر، أو السكون، وكذلك حركة عجلة الدراجة حول محورها، فكلاهما يمثلان الحركة الدائريّة؛ لأن حركة كل منهما يمكن تمثيلها بيانيًّا بخط منحنٍ، وهنا يوصفان بأنهما في حالة حركة دائريّة.
وعلى هذا ومن خلال ملاحظاتنا اليوميّة لمواضع الأجسام، نجد أنها دائمًا في حالة حركة، حتى في حالة السكون الظاهري؛ فهي في حالة حركة نسبيًة، ويمكن وصفها أنها في حالة حركة.
وقد تمّ الاستفادة تطبيقيًّا من ذلك، باستخدامها في إصابة الأهداف عند قذفها، وتحديد الزمن والسرعة اللازمين للانتقال من مكان لآخر، وكذلك تحديد سرعات المحركات، وصناعة التروس، وتحديد أقطارها وعدد أسنانها، والعديد من التطبيقات الحيويّة الأخرى.