يوجد الكثير من المواد من حولنا، منها ما هو جيّد التوصيل للحرارة، وما هو ردئ التوصيل للحرارة، والفارق بينهما هو فارق في النوع، وليس فارق في الدرجة، فالنحاس ليس كالخشب مثلًا، و المواد جيدة التوصيل للحرارة تختلف فيما بينها من حيث الدرجة، فالنحاس ليس كالألومنيوم؛ فلكل منهما خصائصه النوعية التي تميزه، من حيث سرعة انتقال الحرارة من خلاله، وكذلك من حيث احتفاظه بتلك الحرارة، وأيضًا من حيث درجة قابليته لامتصاص تلك الحرارة .
وبقياس الحرارة الممتصّة للمواد، مثل الماء، والنحاس، وغيرهما، نجد أنها تختلف من مادة لأخرى، مع افتراض أنها تعرضت لنفس الدرجة الحرارية، ولنفس المدّة الزمنية، ولمعرفة هذا الفارق سوف نتناول وحدة قياس الحرارة النوعية من خلال سطور مقالنا هذا.
ماهية الحرارة النوعية
هب أنك أخذت كتلة متساوية من أربعة مواد مختلفة، مثل النحاس، والألومنيوم، والحديد، والماء، وسجلت قراءة درجة حرارتها أولًا، ثم قمت بتعريض جميع هذه المواد لدرجة حرارة متساوية، لمدة دقيقة واحدة، ثم قمت بتسجيل فارق الحرارة الذي حدث لكل منهم، ستكتشف أن كل مادة قد اكتسبت درجة حرارة بخلاف الأخرى، هذا الفارق يعبر عن الحرارة النوعية لكل مادة، ويرجع إلى نوعية تلك المادة.
ومن هنا يمكننا تعريف الحرارة النوعية بأنها: “الحرارة التي تكتسبها وحدة الحجوم من المادة، عند تعريضها لدرجة الحرارة القياسية، لمدة ثانية واحدة “، أو هي: “كميّة الحرارة اللازمة لرفع درجة حرارة جسم كتلته واحد جرام، واحد درجة”، ويمكن إيجاد الحرارة النوعية للمادة من العلاقة الرياضية التالية :
الحرارة النوعية = السعة الحرارية (كمية الطاقة الممتصّة) ÷ الكتلة.
ومن هنا كان لابد لنا من إلقاء الضوء على السعة الحرارية للمادة.
السعة الحرارية
عند تعريض كتل متساوية من مواد مختلفة، لدرجة حرارة متساوية، لمدد زمنية متساوية، سنجد أن الحرارة الممتصّة من كل مادة، مختلفة عن الأخرى، ويلاحظ هذا في اختلاف درجة حرارة كل منهم، على الرغم من تساويهم في الكتلة، والمدة الزمنية، ودرجة الحرارة التي تعرضوا لها سويًا.
إذن فالسعة الحرارية تعني:” النسبة بين كميّة الطاقة التي امتصّتها المادة، والتغير الناتج في درجة حرارتها”، ويمكن إيجاد السعة الحرارية من العلاقة الرياضية الآتية:
السعة الحرارية = الكتلة × الحرارة النوعية.
الفرق بين الحرارة النوعية والسعة الحرارية
هناك عدة فروق بين الحرارة النوعية لمادة، والسعة الحرارية لها، يمكن توضيحها في النقاط التالية:
الحرارة النوعية تعني الطاقة اللازمة لرفع درجة حرارة الجسم درجة واحدة، أما السعة الحرارية، فتعني الطاقة التي امتصّها الجسم، لكي يرتفع هذه الدرجة الواحدة.
وأيضًا فإن الحرارة النوعية للمادة لا تتغير بتغير الكتلة؛ فهي ثابتة لنوع المادة، أما السعة الحرارية فهي تتغير بتغير الكتلة، فكميّة الحرارة التي يمتصّها جسم كتلته واحد جرام، لا تساوي كمية الحرارة الي يمتصها جسم كتلته ثلاثة جرامات من نفس المادة.
كذلك تتناسب السعة الحرارية طرديًا، مع الكميات الكتلية لنفس المادة، فالسعة الحرارية لجسم كتلته ثلاثة جرامات، تساوي نصف السعة الحرارية، لجسم كتلته ستة جرامات، وهكذا.
وحدة قياس الحرارة النوعية
الحرارة النوعية تعبر عنها العلاقة الرياضية السابقة، وهي تجمع بين متغيرين، السعة الحرارية أي الطاقة الممتصّة والكتلة، وبما أن الطاقة تقاس بوحدة الجول، والكتلة تقاس بوحدة الجرام، ودرجة الحرارة تقاس بالكلفن؛ إذن تكون وحدة قياس الحرارة النوعية تجمع بين هذه الوحدات، فتكون هي الحرارة اللازمة بالجول، لرفع درجة حرارة واحد جرام، واحد كلفن، أي هي ( جول/ جرام.كلفن).
التفسير الفيزيائي للحرارة النوعية
إذا أخذنا كتلة وحدة الحجوم من المادة، لعدّة مواد مختلفة، نجد أن التركيب الجزيئيّ لكل واحدة منهم، مختلف تمامًا عن الأخرى؛ ففي واحدة منهم سنجد أن الشبكة الجزيئيّة متلاصقة تمامًا دون الأخرى، وأن الكتل الذريّة مختلفة باختلافهم.
وهذا يعني أن كميّة المادة الموجودة في وحدة الحجوم تختلف من واحدة لأخرى، وهذا ما يعبر عنه بالكتلة، فكلما زادت كميّة المادة، كلما احتاجت لحرارة أكثر، لتمتصّها، وهذا ما يرجع إليه الاختلاف في كميّة الحرارة الممتصّة، أي الحرارة النوعية.
ومن هنا يتضح لنا ثبات الحرارة النوعية للمادة، ولكن سعتها الحرارية تتغير بتغير كتلتها، وأن وحدة قياسها الجول، عندما يرفع كتلة واحد جرام درجة حرارتها واحد كلفن .