كثيرًا ما نتعرض خلال ممارساتنا لحياتنا اليومية للإشعاع، سواء بالتعرض لأشعة الشمس، أو بالجلوس ولو لفترات قليلة أمام بعض الأجهزة الإلكترونية، وأيضا عند قيامنا بعمل بعض الأشعة التشخيصية، وكذلك عند تناولنا لبعض العقاقير الطبية، وفي أغلب الأحيان تكون تلك الإشعاعات في حدود النسبة المسموح بها طبيًا، أو ربما العكس، ولكي نتحقق من أنها في حدود النسبة المسموح بها من عدمه فلابد من التعرف على وحدة قياس الإشعاع، وللأهمية البالغة لهذا الموضوع سوف نتناولها عبر سطور مقالنا هذا.
تعريف الإشعاع
تناولت بعض الدوائر العلمية المتخصصة تعريف الإشعاع ، مستخدمة في ذلك الإصلاحات العلمية التي قد تزيده غموضًا، وعلى أية حال يمكن تعريف الإشعاع بأنه: “طاقة موجية غير مرئية بالعين المجردة، تنبعث من بعض المواد المشعة النشطة إشعاعيًا، تؤثر في تركيب الخلية الحية وفي وظائفها “.
أنواع المواد المشعة
توجد كثير من المواد الطبيعية مختلفة التركيب الكيميائي من حولنا، منها الخامل، والنشط كيميائيًا، أو المشع بطبيعته، وغير المشع والذي يمكن إثارته فيزيائيًا ليصبح عنصرًا مشعًا، ويمكن ذكر بعض تلك المواد كالآتي:
- المواد المشعّة بطبيعتها: وهي مواد غير مستقرة كيميائيًا ، تضمنها الجدول الدوري، وتختلف درجة إشاعها فيما بينها مثل: اليورانيوم، و البلوتونيوم ،و الراديوم، والبولونيوم، و البروميثيوم، و الأكتينيوم، والثوريوم، و البروتكتينيوم، النبتونيوم، الأميريسيوم، والكوريوم، و البريكليوم، و اللورنسيوم، وهي من المعادن النادرة، والأسيتاتين وهو أحد الهالوجينات، وغاز الرادون وهو أحد الغازات النادرة.
- المواد التي يمكن إثارتها بالطرق الفيزيائية: وهو ما يطلق عليه التخليق النووي، وذلك بتغيير التركيب الفيزيائي لذرة نواة العنصر، فتتغير خواص المادة كيميائيًا، فتصبح مادة جديدة مشابهة للمادة التي تم تخليقها منها، ذات خواص فيزيائية نوويّة جديدة، مثل مادة الهيليوم والليثيوم و نظائر الهيدروجين، وهو ما يعرف علميًا بالديوتيريوم.
ما هي وحدات قياس الإشعاع؟
توجد عدة وحدات لقياس الإشعاع، يتم تصنيفها علميا وفقًا لأسلوب كل دراسة من دراسات الإشعاع النووي، وهي تختلف من دراسة لأخرى، ويمكن تصنيفها فيما يلي:
أولا: وحدات قياس مادة الإشعاع النشطة:
وهي عبارة عن الإشعاع المنبعث من المادة المشعّة بشكل مستمر، بصرف النظر عن الظروف المحيطة بالمادة المشعة، ومثل هذا النوع يستخدم في تكنولوجيا الطب النووي باستخدام مادة التكنيشيوم، وهي مادة مشعة ونشطة، ويطلق عليها اسم النشاطية الإشعاعية، وتستخدم فيها: وحدة بيكريل Becquerel، وهي وحدة قياس دولية، وتعبر عن عدد الإشعاعات المنبعثة من المادة المشعة بالمعدل الانحلالي ١/ثانية، ويرمز له بالرمز Bq، كما تُستخدم وحدة الكوري Curie، ويرمز لها بالرمز Ci، وهي عبارة عن الانحلال بمعدل٣.٧ × (١٠)١٠ لكل ثانية.
ثانيا: وحدات قياس التأين:
وهي تقيس مدى التأين للإشعاع المنبعث في الهواء، وتقاس بالكولوم Coulomb، وتستخدم في قياس أشعة إكس وجاما.
ثالثا: وحدات قياس الامتصاص الإشعاعي:
وتستخدم لقياس الأشعة التي تم امتصاصها من الجسم المعرض لأشعة إكس وألفا وبيتا وجاما، ويطلق عليها Absorbed Dose، وهي الجراي Gray، ويرمز لها بالرمز Gy، وتعبر عن امتصاص جول واحد من الطاقة لكل كيلو جرام من المادة، وأيضا وحدة الراد وتساوي ١٠^-٢.
رابعا: وحدات قياس الحماية الإشعاعية:
وهي تستخدم لقياس مدى الحماية من الإشعاع، وهو الفرق بين ما يتعرض له الإنسان من الإشعاع وما يمكن أن يتحمله من تلك الإشعاعات، ويطلق عليها وحدة السفيرت Sievert، ويرمز لها بالرمز Sv.
استخدامات الإشعاع في الحياة العملية
استطاع الإنسان استخدام تكنولوجيا الإشعاع النووي في شتى مجالات الحياة، ومن أهم هذه المجالات:
المجال الطبيّ: حيث يتم استخدام الأشعة في تشخيص بعض الحالات المرضية، كما في أشعة كسور العظام، والعلاج بالأشعة في بعض الأورام السرطانية، وغيرها.
المجال الصناعي: وتستخدم فيه الأشعة النووية في أوسع نطاقها، كما يحدث في تشكيل المعادن وصهرها وتهذيبها من الشوائب، وكل ما يتعلق بصناعتها.
المجال الزراعي: حيث يتم استخدام الأشعة في تهجين البذور، وفي التخليق الحيويّ لبعض الأصناف الجديدة من المحاصيل الزراعية المقاومة للظروف المناخية والبيئية، وتحسين خواصها.
من هنا تتضح لنا أهمية الإشعاع، والفوائد المترتبة على معرفة وحدات قياسه، في خدمة الكثير من المجالات الحياتية.