تعدّ وحدة الميل من أقدم الوحدات التي عرفها الإنسان المتحضّر؛ حيث استخدمها في معايرة وقياس المسافات الطويلة التي كان يتعامل معها آنذاك، ولكنّها كانت تتّسم بعدم الثبوت المعياريّ، أي لم تكن ذات قيمة موحّدة على مستوى الدول، أو حتّى على مستوى الدولة الواحدة في جميع المجالات، ويرجع ذلك إلى عدم ثبات وحدة الذراع أو الياردة، التي كانت تُتّخذ وحدة أساسيّة لمعايرة الميل، والذي هو بطبيعة الحال مضاعفًا تكراريًّا لها، ومع وحدة الميل سوف يكون موضوع مقالنا، فتابعونا.
وحدة الميل
نظرًا لرسوخ واستقرار بعض الأعراف المهنيّة والتجارية في بعض الدول الكبرى، كالولايات المتّحدة الأمريكيّة، وبريطانيا، والتي كانت تستعمل وحدة الميل في القياس؛ لذلك مازالت تستخدم تلك الوحدة حتّى الآن، بالرغم من ظهور وحدات دولية أخرى؛ ممّا أعطاها أهمية دوليّة كبرى من بين وحدات القياس، وسوف نتناولها التفصيل على النحو التالي:
أوّلًا: وحدة الميل البريطانيّ أو الإمبراطوريّ
ويعدّ أقدم وحدات الميل استعمالًا، ويساوي 1609.344 مترًا، ما يعادل 5280 قدم، و1760 ياردة، و 1.609345 كم، ويطلق عليه الميل الأرضيّ، نسبةً إلى طريقة حسابه وفقًا لخطوط الطول.
ثانيًا: وحدة الميل الأمريكيّ والبلاد الأنجلوساكسونيّة
ويساوي 1852 مترًا، ما يعادل 6076.116 قدم، و2025.372 ياردة، و1.852 كم، ويطلق عليه الميل البحريّ، وفقًا لما أقرّه المؤتمر الهيدروغرافيّ الدوليّ لنظام الوحدات بموناكو سنة 1929م.
ثالثًا: وحدة الميل الدوليّة
نظرًا لما تتطلّبه الحياة العمليّة من وحدة المعايير، أي توحيد أدوات القياس، فقد قام المؤتمر الهيدروغرافيّ الدوليّ لوحدات القياس سنة 1970 بتوحيد وحدة الميل، وأطلق عليها وحدة الميل الدوليّة، وتتمّ معايرته بالوحدات المختلفة كلآتي:
الميل يساوي:
- 5200 قدمًا.
- 1760 ياردة.
- 1609344 ملليمترًا.
- 160934.4 سنتيمترًا.
- 63360 بوصة.
- 1609.344 مترًا.
- 1.609344 كيلومتر.
رابعًا: وحدة الميل الشرعيّة
يزخر التراث الإسلاميّ بالعديد من الدراسات العلميّة والتطبيقيّة، التي تخدم تطبيق الشريعة والفقه الإسلاميّ، ونظرًا لارتباط تطبيق بعض الأحكام الفقهيّة بالمسافة، كقصر الصلاة، والإفطار في رمضان؛ فكان لابد من وضع معيار للمسافة، فتمّ وضع الميل الشرعي،ّ والذي سنوضحه على النحو الآتي:
- في الفقه المالكي:ّ الميل يساوي 3500 ذراعًا = 1855 مترًا؛ حيث أنّ الذراع عندهم = 53 سنتيمتر.
- في الفقه الحنفيّ: الميل يساوي 4000 ذراعًا = 1855 مترًا؛ حيث أنّ الذراع عندهم = 0.46375 سنتيمترًا.
- في الفقه الشافعيّ والحنبليّ: الميل يساوي 6000 ذراعًا = 3710 مترًا؛ حيث أنّ الذراع عندهم = 0.61833 سنتيمترًا.
ويعدّ الميل الحنفيّ هو أقربهم جدًا لوحدة الميل، وفقًا للتوحيد الدوليّ للمقاييس.
أهمّ الوحدات الفرعيّة المتعلّقة بالميل
توجد هناك بعض وحدات القياس التي ترتبط ارتباطًا غير مباشر بالميل، يمكن توضيحها فيما يلي:
البوصة = 2.54 سنتيمتر.
القدم = 30.38 سنتيمتر..
الياردة (اليارد) = 91.44 سنتيمتر.
تطبيقات: (استرشد بوحدات الميل الواردة بصدر المقال)
مثال 1: سافر أحمد إلى مدينة الإسكندرية، فكانت المسافة التي قطعها من محطة الإقلاع حتّى محطة الوصول 155 كم، فكم تساوي المسافة المقطوعة بوحدات الميل المختلفة؟
الحلّ:
الميل الدوليّ = 155 × 1.609344 = 249.450 ميلًا تقريبًا.
الميل الأمريكيّ = 155 × 1.852 = 287.060 ميلًا.
الميل الفقهيّ (مذهب حنفي): = 155 × 1.855 = 287.525 ميلًا.
مثال 2: إذا كان محيط ملعب كرة قدم يساوي 346 مترًا، فكم يساوي بوحدة الميل الدوليّة؟
الحلّ:
محيط الملعب = 346 ÷ 1609.344 = 0.215 ميلًا تقريبًا.
مثال 3: إذا كان طول قناة مياه يساوي نصف ميل، فكم مترًا تساوي؟
الحلّ:
طول القناة = 1609.344 × 0.5 = 804.672 مترًا.
مثال 4: إذا كانت المسافة التي يجوز الفطر فيها 84 كم، وسافر محمد 50 ميلًا وهو صائم، فهل يجوز له الإفطار أم لا؟
الحل:
المسافة التي يجوز الإفطار فيها بالميل = 84 × 0.539 = 45.276 ميلًا. إذًا يجوز له الإفطار.
لاحظ أنّ الكيلومتر = 1000 ÷ 1855 = 0.539 ميلًا شرعيًّا.
يظلّ احتفاظ بعض الدول بمعايير ووحدات قياس خاصّة بها في ظلّ اتّجاه العالم نحو العولمة، أمرًا غير مقبول عمليًّا، وتعدّ المؤتمرات الهيدروغرافيّة العالميّة خطوة نحو الأمام لتحقيق ذلك.
