إذا نظرنا على المستوى الاجتماعي، عندما يحدث موضوع ذو بعد إنسانيّ، أو سياسيّ كبير؛ فإنه يشدّ انتباه الناس جميعًا، وينجذبون إليه بالتفكير، أو المشاركة الفعليّة، سواء بالرفض، أو القبول، ويقال في هذه الحالة أنه موضوع ذو زخم، أي أنه يجذب جميع الأطراف إليه.
أما عندما تكون على الطريق، وبجوارك تتحرك سيارتان متتاليتان بنفس السرعة، وفي اتجاه واحد، ولكن إحداهما ذات كتلة أكبر من الأخرى؛ فإنك تحسّ بجذب السيارة ذات الكتلة الأكبر لك نحوها، ففي هذه الحالة- فيزيائيًا- نقول أن السيارة ذات الكتلة الأكبر أنها ذات زخم، وهذا الزخم يمكن قياسه، بوحدة قياس خاصة به،
وهذا ما سوف نتناوله في هذا المقال، فتابعونا.
ماهية الزخم
لو نظرت إلى سيارة تتحرك مسرعة بجوار طريق ترابي؛ فسوف ترى دوامة ترابية ترافق حركة السيارة، وفي اتجاهها، وكذلك إذا راقبت حركة قطار، أو طائرة؛ فستلاحظ أثر حركتها على اهتزاز نوافذ المنازل المجاورة، فهذا هو الزخم.
ولكنه يختلف باختلاف كتلة الشيء المتحرك؛ فكلما كان الجسم المتحرك ذو كتلة أكبر، وسرعة عالية، كلما رافقته حالة زخم أكبر؛ فالزخم إذن هو خاصيّة فيزيائية للأجسام المتحركة، يظهر أثرها على الأجسام القريبة منها.
متغيرات الزخم
عندما يتحرك جسمان بسرعتين مختلفتين، وكتلتين غير متساويتين؛ فإنه يكون لكل واحدة منهما زخمها الخاص بها، فالزخم يتوقف إذن على ثلاثة متغيرات، يمكن إيضاحها على النحو الآتي:
الكتلة: فكلما زادت كتلة الجسم كلما زاد زخمها، فالعلاقة مابين الزخم والكتلة، هي علاقة طردية، هذا مع افتراض ثبات باقي المتغيرات.
السرعة: تعتبر السرعة متغير جوهري للزخم؛ فكلما زادت سرعة الجسم، كلما زاد زخمه، فالعلاقة مابين السرعة والزخم هي أيضًا علاقة طردية، مع افتراض ثبات باقي المتغيرات الأخرى.
الاتجاه: وهذا المتغير يظهر أثره عند وجود جسمين متحركين، فالزخم لهما يكون نتيجة محصلة الكتلة والسرعة لكل منهما، وهذا سوف يتضح لنا عند تناول معادلة الزخم.
الحالتان الخاصتان بالزخم
يوجد هناك حالتان خاصتان للزخم، يمكن تناولها بالتفصيل على النحو الآتي:
الحالة الأولى:
من الممكن أن يتساوى زخم جسمين متحركين على الرغم من اختلاف كتلتيهما، و سرعتيهما؛ وذلك عندما يتكافأ الاختلاف في الكتلة، مع الاختلاف في السرعة، أو يتكافأ الاختلاف في السرعة، مع الاختلاف في الكتلة.
الحالة الثانية:
زخم أي جسم ساكن هو صفر، مهما بلغت كتلته؛ لأنه في هذه الحالة، يكون حاصل ضرب الكتلة في السرعة مساويًا للصفر.
معادلة الزخم
الزخم هو كميّة فيزيائية متجهة، وهذه الكميّة تتغير بتغير الكتلة أو السرعة واتجاهها، أو الكتلة والسرعة كلتيهما معًا، ويمكن حساب الزخم لجسم معلوم الكتلة والسرعة والاتجاه، من خلال المعادلة الآتية:
الزخم = الكتلة × السرعة.
وحدة قياس الزخم
من خلال المعادلة السابقة يتضح لنا أن الزخم، هو ناتج ضرب الكتلة في السرعة، وعليه نستطيع أن نستنتج وحدة قياس الزخم، فمن المعلوم أن الكتلة وحدة قياسها الكيلوجرام، أما السرعة فيحكمها متغيران، هما المسافة والزمن، فلا نستطيع التحدث عن السرعة، في وجود المسافة فقط بمعزل عن الزمن، أو التحدث عنها في وجود الزمن بمعزل عن المسافة.
فالسرعة إذن تقاس بوحدة الكيلومتر لكل ساعة، أو تقاس بوحدة المتر لكل ثانية، وبالتالي تصبح وحدة قياس الزخم هي كيلوجرام/ كيلومتر. ساعة، أو كيلوجرام/متر. ثانية.
تطبيقات عمليّة على الزخم
استخدم المهندسون والفنيّون ظاهرة الزخم، عند تصميمهم لكثير من الأشياء المتحركة كالآتي:
- وضع حزام الأمان للسائق والركاب بالسيارة؛ لأن كل من السائق والركاب أثناء حركة السيارة يكتسبوا زخما من حركتها؛ فتكون سرعتهم نفس سرعة السيارة، فعند وقوف السيارة فجأة، يمنع اصطدامهم بجسم السيارة؛ لأن كتلتهم تكون في حالة اندفاع بالرغم من توقف السيارة.
- تصميم المطارات بعيدًا عن المباني بمسافات كافية؛ لتفادي تأثير زخم الطائرات عند الإقلاع، على النوافذ والمباني ذاتها، من التحطم أو الانهيار.
- ضبط سرعة القطارات، لتفادي أثر زخم كل منهم على الآخر، عند مرورهم بجوار بعضهم البعض، فلا يدفع أحدهما الآخر خارج السكّة، بالرغم من عدم اصطدامهما.
ويعتبر الفكر الفيزيائيّ الكلاسيكيّ هو مكتشف ظاهرة الزخم للأجسام المتحركة، وقد أعطى تفسيرًا علميًا دقيقًا، لأثر الأجسام المتحركة على بعضها البعض، وأثر كل من الكتلة والسرعة والاتجاه، على هذا الزخم.