إن أجمل ما حبته الطبيعة للإنسان، هو جمال الألوان ، وحسن منظرها؛ فمنها ما يشعرنا بالبهجة والسرور، ومنها ما يجعلنا نحسّ بالدفء والأمان، واللون الأبيض كثيرًا ما يشعرنا بالراحة النفسية، والتنفس بانشراح الصدر، لكن حقيقة هل هناك لون أبيض في الطبيعة كما نراه، فإن الدراسات التي أجراها العلماء على تحليل الضوء الأبيض، وجدوا أنه يتكون من عدّة ألوان، في مجموعها تعطي اللون الأبيض، وهذا هو موضوع مقالنا، تحليل الضوء الأبيض، فتابعونا.
فكرة تحليل الضوء
ظلّ الناس فترة طويلة من الزمن، يعتقدون أن ضوء الشمس على ما هو عليه، ثم جاء العالم العربي الحسن بن الهيثم؛ ليساهم بدراساته حول البصريات والضوء، التي مهدت الطريق للعالم الرياضيّ، والفيزيائيّ الإنجليزيّ إسحق نيوتن؛ ليحطم ما اعتقده الناس طويلًا بأطروحته، أن الألوان ليست هي على ما نراه، وأن الضوء الأبيض، هو مزيج من عديد من الألوان، وذلك في نهاية القرن السابع عشر، من خلال تحليله للضوء بواسطة منشوره الزجاجيّ، إلى ألوان الطيف السبعة.
تحليل الضوء الأبيض
استطاع إسحق نيوتن في نهاية القرن السابع عشر، أن يقوم بتحليل الضوء الأبيض، باستخدام منشور من الزجاج، ويمكن تناول ذلك بشيء من التفصيل كالآتي:
- يعتبر المنشور الزجاجي وسطًا متجانسًا، متدرجًا من الكثافة الأقل إلى الكثافة الأعلى، كلما اتجهنا من القمّة إلى القاعدة، وذلك إذا نظرنا إلى المنشور من جهة العرض، الذي شكله يمثّل مستطيلًا، وليس من جهة الواجهة، التي شكلها يمثّل مثلّثًا.
- وذلك لأن الضوء الأبيض، يتمّ إسقاطه على المنشور من جهة العرض، ثم يتمّ استقبال الناتج من الضوء على حائل من الجهة المقابلة له.
- عند سقوط شعاع الضوء الأبيض، ابتداءً من الفراغ الذي يمثّل وسطًا أقل كثافة، على جانب المنشور الذي يمثّل وسطًا أعلى كثافة، ولكنها كثافة متدرجة من الأقل كثافة في القمّة، إلى الأعلى كثافة في القاعدة، فإن شعاع الضوء الأبيض، يتحلل منتشرًا من القمّة إلى القاعدة داخل المنشور، إلى ألوانه السبعة وهي: الأحمر، والبرتقاليّ، والأصفر، والأخضر، والأزرق، والنيليّ، والبنفسجيّ، المعروفة باسم ألوان الطيف.
الطول الموجيّ للألوان
يتم تحليل الضوء الأبيض، إلى ألوان الطيف السبعة، بترتيب فيزيائيّ وفقًا لتردداتها، من الأقل ترددًا (الأعلى طول موجيّ)، في القمّة، إلى الأعلى ترددًا (الأقل طول موجيّ)، ناحية القاعدة كالآتي:
- الأحمر طول موجيّ 660 نانومتر.
- البرتقالي طول موجيّ 610 نانوتر.
- الأصفر طول موجيّ 580 نانومتر.
- الأخضر طول موجيّ 550 نانومتر.
- الأزرق طول موجيّ 470 نانومتر.
- البنفسجي طول موجيّ 410 نانومتر.
مع ملاحظة أنه من خصائص الموجة الكهرومغناطيسية، أن العلاقة بين الطول الموجيّ والتردد، هي علاقة عكسية، أي أنه كلما كان الطول الوجيّ أكبر، كلما كان التردد أقل، وأيضًا كلما زاد التردد، كلما قلّ الطول الموجيّ.
الأطياف الأخرى
لا يقتصر تحليل الضوء الأبيض إلى ألوان الطيف السبعة فقط، وإنما ألوان الطيف هذه هي الألوان المرئية، أي التي تستطيع العين المجردة رؤيتها، فهناك ألوان أخرى لا تستطيع العين رؤيتها وهي:
الألوان تحت الحمراء
وهي التي أطوالها الموجية أكبر من 660 نانومتر، وتكون أعلى قمّة المنشور الزجاجيّ.
الألوان فوق البنفسجيّة
وهي التي أطوالها الموجية أقل من 410 نانومتر، وتكون تحت قاعدة المنشور.
ردّ ألوان الطيف السبعة إلى الضوء الأبيض
استطاع نيوتن أن يثبت العكس؛ أي أن يردّ ألوان الطيف السبعة إلى الضوء الأبيض؛ وذلك من خلال تجربة بسيطة، وهي قرص نيوتن؛ حيث قام نيوتن بتلوين قرص، على شكل دائرة مقسمة إلى سبعة قطاعات متساوية، بألوان الطيف السبعة، وبنفس ترتيبها من اللون الأحمر، إلى اللون البنفسجيّ، ثم قام بإدارة القرص بسرعة عالية جدًا، فبدا القرص باللون الأبيض.
وهكذا استطاع نيوتن تحليل اللون الأبيض إلى ألوان الطيف السبعة، وعمل العكس في نفس الوقت أيضًا، بردّ ألوان الطيف السبعة إلى الضوء الأبيض.
وقد تمّت الاستفادة من هذا في مجال صناعة الأقمشة، استفادةً عظيمة؛ بخلق العديد من الألوان الفرعية الجميلة، التي نراها الآن، وغيرها الكثير من الصناعات الأخرى.