سعى المصريّ القديم منذ فجر التاريخ لتنظيم حياته، كعهد بقيّة الأمم الحضاريّة الضاربة في عمق التاريخ، كالحضارة الفارسيّة، والحضارة الآشوريّة مثلًا، فاتّجه إلى آليّة زمنيّة ينظّم بها مواسم الزراعة المختلفة لديه، بحيث إذا ما حلّ تاريخٌ معيّن عرف من خلاله موسم حصاد محصول وزراعة آخر؛ وبالتالي ينظّم الريّ، ويجهّز صوامع التخزين، فكانت فكرة التقويم الشمسيّ، التي ابتدعها الفلكيّ المصريّ “توت” ابن قرية “منتوت” بمدينة أبو قرقاص التابعة لمحافظة المنيا بصعيد مصر، هذا التقويم الذي أخذ عنه الرومان تقويمهم والتقويم الكريكوريّ، والغريغوريّ، مع إحداث بعض التغييرات عليه، والتقويم السكندريّ أو الشهور القبطيّة الذي هو موضوع مقالنا، فتابعونا.
أسماء الشهور القبطية بالترتيب
ترتيب الشهر | اسم الشهر | بالانجليزية |
---|---|---|
1 | توت | Tout |
2 | بابة | Baba |
3 | هاتور | Hator |
4 | كيهك | Kiahk |
5 | طوبة | Toba |
6 | أمشير | Amshir |
7 | برمهات | Baramhat |
8 | برمودة | Baramouda |
9 | بشنس | Bashans |
10 | بؤونة | Paona |
11 | أبيب | Epep |
12 | مسري | Mesra |
13 | باغميل (الشهر الصغير) | Nasie |
أقرا أيضا: أسماء الشهور القمرية (الهجرية) بالترتيب
لمحة تاريخيّة عن الشهور القبطيّة
التقويم القبطيّ أو السكندريّ هو في الأصل مأخوذ عن التقويم المصريّ القديم، الذي نشأ عام 4240 ق.م، والذي يغاير التقويم القمريّ في كونه أكثر ثباتًا وانتظامًا مع الظواهر المناخيّة عن التقويم القمريّ، فكان التقويم القمريّ يناسب الأمم غير الحضريّة والتي تعمل بالرعي.
بينما التقويم الشمسيّ أو المصريّ أو القبطيّ هو تقويمٌ يناسب الأمم الحضريّة التي كانت تعمل بالزراعة، وهذا ما فطن إليه المصريّ القديم مبتكر هذا التقويم، برصد الاقتران ما بين نجم (الشعرى اليمانيّة)، والشروق الاحتراقيّ لهذا النجم، مع الشروق الشمسيّ، وفيضان النيل، فكانت المدّة التي تستغرقها هذه الظواهر الثلاث 360 يومًا.
وعليه قام بتقسيم السنة إلى ثلاثة فصول، بكلّ فصلٍ أربعة أشهر، وكلّ شهرٍ ثلاثين يومًا، بإجمالي 12 شهرًا للسنة، وأعطى لكلّ شهرٍ اسمًا من أسماء الآلهة المصريّة القديمة، التي مازالت محتفظة بها حتّى يومنا هذا لدى الكنيسة الأرثوذكسيّة القبطيّة في مصر، وفلّاحي الصعيد المصريّ أيضًا.
مراحل التقويم القبطيّ
كما ذكرنا بأنّ التقويم القبطيّ هو مأخوذ عن التقويم الفرعونيّ، ولكن مع بعض التعديلات التي أُدخلت عليه نتيجة للاستعمار الرومانيّ، وغيره، وذلك ما يمكن إيضاحه على النحو الآتي:
المرحلة الأولى:
وهي مرحلة التقويم الفرعونيّ بالأسماء الفرعونيّة لأسماء الشهور- سوف نذكرها لاحقًا- وتلك المرحلة بدأت عام 4241 ق.م، تاريخ بدء العمل بالتقويم
المصريّ أو الفرعونيّ.
المرحلة الثانية:
هذه المرحلة بدأت عام 238 ق.م، وفيها قام بطليموس الثالث بزيادة أشهر السنة شهرًا صغيرًا مدّته (5 ) أيام، ليصبح عدد أشهر السنة 13 شهرًا، ثلاثين يومًا لكلّ شهرٍ، عدا الشهر الثالث عشر ومدّته خمسة أيام، ليصبح عدد أيام السنة 365 يومًا.
المرحلة الثالثة:
ظلّ معمولًا بذلك التقويم البطلميّ، حتّى أجهضه الكهنة والعودة إلى التقويم الفرعونيّ مرّةً أخرى؛ ليتناسب ذلك مع الأعياد والمواسم والطقوس الفرعونيّة.
المرحلة الرابعة:
كانت تلك المرحلة عام 25 ق.م، عندما تمّ فرض التقويم اليوليانيّ، والذي هو امتدادٌ للتقويم البطلميّ، ولكن مع إضافة تعديلٍ آخرٍ عليه، وهو زيادة يومٍ على السنة البطلميّة كلّ أربع سنواتٍ، لتصبح السنة 13 شهرًا، منها 12 شهرًا مدّة الشهر منها 30 يومًا،
والشهر رقم 13 Intercalary مدّته 5 أيام في جميع السنوات، عدا السنة التي تقبل القسمة على 4 فتكون مدّته 6 أيام، وهو التقويم الذي أُخذ عنه التقويم الجريجوريّ، وهو التقويم القبطيّ الذي تعمل به الكنيسة الأرثوذكسيّة المصريّة.
الشهور القبطيّة
في بادئ الأمر لم يكن للشهور الفرعونيّة أسماء محدّدة، فكانت تُسمّى الشهور بأسماء ترتيب مسلسلها، فكان الشهر الأوّل، والثاني، والثالث، وهكذا، ولكن في أوائل القرن السادس تمّ وضع اسم لكلّ شهرٍ من أسماء الآلهة، وهي:
- توت: نسبةً إلى إله المعرفة، وكذا على اسم الفلكيّ واضع التقويم.
- بابة: وهو مأخوذ من إله الزرع (بيتبدت).
- هاتور: وهو مأخوذ من إله الحب (آثور).
- كيهك: وهو مأخوذ من الإله (كاهكا)، وهو عجل أبيس المقدّس.
- طوبة: وهو مأخوذ من أيام الإله (إمسو) أو (خم) أو (رع) إله الطبيعة.
- أمشير: وهو مأخوذ من إله الرياح (منتو).
- برمهات: وهو مأخوذ من إله الحرّ (بامونت).
- برمودة: وهو مأخوذ من الإله (رينو) إله الرياح الشديدة.
- بشنس: وهو مأخوذ من الإله (خنسو) إله القمر.
- بؤونة: وهو مأخوذ من الإله (خنتى) إله المعادن.
- أبيب: وهو مأخوذ من الإله (هوبا) إله الفرح.
- مسري: وهو مأخوذ من الإله (مسري) ابن الشمس.
- باغميل: وهو شهر العجائب، ويُعمل به بالكنيسة الأثيوبيّة التابعة للكنيسة الأرثوذكسيّة الشرقيّة، وهي أيام الغسل من الذنوب حسب معتقدي تلك الكنيسة، وهو لا يعتبر شهرًا فعليًّا، بل هي مدّة مخصّصة لممارسة الشعائر الكنسيّة.
تعتبر فكرة التقويم الفرعونيّ هي المُلهم لجميع التقويمات اللاحقة له، والتي تعتمد على التقويم الشمسيّ، والشهور القبطيّة واحدةٌ من تلك، وهي ترتبط بالتغيّرات المناخيّة وبالتالي الزراعة، والإلمام بها يعدّ من الثقافة الزراعيّة الجيّدة؛ لاختيار أنسب المواعيد لزراعة الزراعات المناسبة لها، وأيضًا يعتبر كذلك ثقافة حتميّة لممارسة الشعائر الكنسيّة الشرقيّة، وهذا المقال شئٌ من ذلك.