تعتمد المجتمعات على آليّة التقويم؛ لتنظيم شئون حياتها المختلفة، فمنها من يتّخذ من منازل القمر المتعدّدة تمييزًا لمرور الزمن وحسابه، ومنها من يتّخذ من تكرار بزوغ الشمس وغروبها، واقترانها بتقلّب المناخ المنتظم طريقةً أو آليّةً أخرى لتنظيم ذلك الوقت وحسابه أيضًا، وتعتبر المجتمعات العربيّة ذات الأصول الآراميّة من المجتمعات التي تولي التأريخ عنايةً خاصّةً؛ ولذلك عنيت بالتقويم أيّما عناية، ولقد اعتمدت الآليّتين السابقتين معًا في عمليّة التقويم، فبلاد الجنوب والمغرب العربيّ تعتمد التقويم القمريّ، أمّا بلاد أقصى الشمال والمشرق فتعتمد على النظام الشمسيّ كآليّةٍ لذلك التقويم، وهو ما يُسمّى بالشهور السريانيّة، وهو موضوع مقالنا، فتابعونا.
أسماء الشهور السريانية وما يقابلها بالميلادية بالترتيب
الترتيب | الميلادية | الشهور السريانية |
---|---|---|
1 | يناير | كانون الثاني |
2 | فبراير | شباط |
3 | مارس | آذار |
4 | ابريل | نيسان |
5 | مايو | أيار |
6 | يونيو | حزيران |
7 | يوليو | تموز |
8 | أغسطس | آب |
9 | سبتمبر | أيلول |
10 | أكتوبر | تشرين الأول |
11 | نوفمبر | تشرين الثاني |
12 | ديسمبر | كانون الأوّل |
التقويم الشمسيّ
يضرب التقويم الشمسيّ في أعماق التاريخ؛ ما يجعل منه تقويمًا منتظمًا يمتاز بالثبات العلميّ، فضلًا عن هذا فإنّ التقويم الشمسيّ مرتبط ارتباطًا وثيقًا بدورة المناخ، ومن هنا تأتي أهميته، وخاصّةً لدى المجتمعات الأولى، لتستطيع من خلاله تنظيم زراعتها وجنيها لمحصولها.
وهو بذلك الوصف يعتبر تقويمًا حضريًّا، على خلاف التقويم القمريّ في البلاد التي تعتمد على الرعي كنشاطٍ اقتصاديٍّ لها، فتعتمد على منازل القمر في تقويمها، وكان الإنسان الأوّل لا يعرف دوران الأرض حول محورها أو حول الشمس، والذي تترتّب عليه ظاهرة بزوغ الشمس وغروبها.
ولكن جلّ ما كان يلاحظه هو النتيجة المباشرة المترتّبة على ذلك، ألا وهي تعاقب الليل والنهار، وانسلاخ فصول المناخ من بعضها البعض، ومن هنا كان اعتماده على تلك المظاهر كأساسٍ لتقويمه، وكان محقًّا في ذلك، وهو ما أثبته العلم الحديث من خلال الحسابات الفلكيّة لتلك المظاهر الكونيّة.
الشهور السريانيّة
تتبع الشهور السريانيّة التقويم الشمسيّ، ويعتبر التقويم السريانيّ (الآراميّ)، والتقويم القبطيّ (الفرعونيّ)، المأخوذ عنهما التقويم اليوليانيّ (الرومانيّ)، ثمّ التقويم الميلاديّ (الجريجوريّ- امتدادًا للتقويم الرومانيّ) أصلا لشجرةٍ واحدةٍ، وإن كان التاريخ يُرجّح سبق التقويم السومريّ- أصل التقويم السريانيّ- والتقويم القبطيّ على كلّ التقويمات.
ويتكوّن التقويم السريانيّ، والذي مازال معمولًا به حتّى اليوم في بعض الدول العربيّة، مثل العراق، ولبنان، وفلسطين، وسوريا، والأردن، من اثني عشر شهرًا، نوضّحها على النحو التالي:
- كانون الثاني/ يناير: ويعني الكنّ (المكوث) في البيت؛ للتدفئة من شدّة البرد.
- شباط / فبراير: ويعني البرد مع الرياح.
- آذار / مارس: ويعني غائم أو قاتم.
- نيسان / أبريل: ويعني شهر الحركة.
- أيار / مايو: ويعني تفتّح الزهور، وانتشار الضوء.
- حزيران / يونيو: ويعني (القمح)، ويشير إلى موعد حصاده.
- تموز / يوليو: يشير إلى معبود سومريّ قديم، ويعني ابن الحياة.
- آب / أغسطس: العدو- السير مسرعًا- من شدّة الحرّ.
- أيلول / سبتمبر: ويشير إلى تقديم البكاء والنياح إلى معبودٍ سومريٍّ قديم.
- تشرين الأول / أكتوبر: ويعني بدء السير والحركة.
- تشرين الثاني / نوفمبر: ويعني استمرار السعي والحركة.
- كانون الأوّل / ديسمبر: ويعني مقتبل البرد.
★ وهذا الترتيب لم يكن هو الترتيب الدارج قديمًا؛ حيث كانت السنة السريانيّة تبدأ بشهر أيلول، الذي يوافق عيد معبودهم- عشتار- إله الحبّ والجمال، والحرب والفداء، يحتفلون فيه بالبكاء والنياح، والذي ترجع إليه تسمية أيلول وفقًا للترتيب السريانيّ القديم.
أهمية الشهور السريانيّة مقارنةً بالشهور العربيّة
ترجع أهمية الشهور السريانيّة بارتباطها بدورة المناخ؛ فيستطيع الإنسان من خلالها تحديد حلول أيٍّ من فصول السنة مسبقًا؛ وبالتالي يستطيع تحديد وتنسيق مواعيد زراعته وحصاده، وكذلك سفره واعتلائه البحر، ونشاطه التجاريّ خارج الحدود، وما إلى ذلك من نشاطاته الحياتيّة.
وذلك على خلاف الشهور القمريّة؛ حيث أنّ الإنسان لا يستطيع من خلال الشهور القمريّة تحديد أيٍّ من الأمور السابقه، ولكنّه يستطيع تحديد ترتيب اليوم بالنسبة للشهر نفسه؛ فيتسنّى للمرء تحديد أوّل الشهر ومنتصفه وآخره، بمجرّد نظره إلى السماء.