يوجد في الطبيعة العديد من المواد الكيميائيّة، والتي تنقسم بدورها إلى الفلزّات، واللافلزّات، وأشباه الموصّلات، والتي قام العالم الكيميائي الكبير ماندليف، بتصنيف المُكتشَف منها فيما يعرف علميّا باسم الجدول الدوريّ المعروف، والذي يحمل اسم ماندليف صاحب التصنيف، والذي توالت عليه التحديثات فيما بعد، وبالبحث في ذلك الجدول نجد عنصر الزئبق، هذا العنصر العجيب الذي أشعل حوله الكثير من الأساطير قديمًا، ومازال كذلك يُشعلها حديثًا أكثر وأكثر، فيا ترى أين نجد الزئبق، إنّه موضوع مقالنا، فتابعونا.
ما هو الزئبق
بالنظر إلى عنصر الزئبق بالعين المجرّدة، نجد أنّه مادة سائلة في درجة حرارة الغرفة، ذات بريقٍ فضّيٍّ لامع، قوامها متماسك، وتأخذ شكل القبّة عند وضعها فوق جسمٍ مستوٍ، ويصنّف فيزيائيًّا ضمن الفلزّات، وذلك لخواصّه الفيزيائيّة.
خواص الزئبق
لقد أجرى العلماء العديد من التجارب على عنصر الزئبق؛ للاستفادة منه أيّما استفادة؛ وذلك لخواصّه النادرة، والتي سوف نتناولها على النحو التالي:
الشكل الظاهريّ: يعدّ الزئبق من السوائل؛ لتواجده سائلًا في درجة الحرارة العاديّة، دون أيّ تدخّل كيميائيّ بإضافة أيٍّ من المواد الكيميائيّة إليه، أو وضعه في ظروف فيزيائيّة خاصّة، ويتمتّع بالشكل الفضّىّ اللامع البرّاق، وعند وضعه فوق جسم أملس يتّخذ الشكل شبه الكرويّ؛ ويرجع ذلك إلى ارتفاع توتّره السطحيّ.
التوصيل للكهرباء: يعدّ الزئبق من المواد جيّدة التوصيل للكهرباء، وبخاره يُحدث وميضًا أو توهّجًا عند تمرير الكهرباء خلاله؛ ولذلك تمّ استغلاله في صناعة اللمبات الكهربائيّة ذات الإضاءة المتوهّجة.
الكثافة: بمقارنة كثافة الزئبق ببقيّة المواد الكيميائيّة، نجد أنّ كثافته عالية جدًا؛ حيث تبلغ كثافته 13.5g/سم³.
درجة التجمّد والغليان: يظلّ الزئبق سائلًا حتّى انخفاض درجة حرارته إلى -38.9م°، فيتجمّد عندها، ويتحوّل لونه إلى اللون الفضّيّ المائل للزرقة، ويغلي عند تسخينه حتّى درجة حرارة 356.9 م°، وينتج عنه بخار الزئبق، الذي يُستخدم في صناعة المصابيح الكهربائيّة المتوهّجة.
وزنه الذريّ: يقاس الوزن الذريّ للمواد بعدد البروتونات التي توجد في نواة ذرّاتها، وعدد البروتونات المتواجده في نواة ذرّة الزئبق هو 80، فيكون وزنه الذريّ 80، ويرمز له كيميائيًّا بالرمز Hg.
تصنيفه فيزيائيًّا: من خلال الخواصّ التي يتمتّع بها الزئبق فهو يتبع الفلزّات، بالرغم من أنّه سائل، ويعتبر هو الفلزّ الوحيد- حتّى الآن- الذي يوجد في صورة سائلة.
أين أجد الزئبق
بمقارنة نسب المواد المتواجدة بالقشرة الأرضيّة، نجد أنّ تواجد عنصر الزئبق من بين العناصر الطبيعيّة تواجدًا نادرًا، ولكنه يوجد بكثرة في المواد الرسوبيّة، وهو لا يوجد منفردًا نقيًّا، بل يوجد في مادة مركّبة تسمى (الزنجفر)، ويتمّ استخلاص الزئبق من تلك المادة بالتسخين ونفث الهواء.
ففي تلك العمليّة يتمّ تسخين الزنجفر في أفران خاصّة، حتّى درجة الانصهار، مع ضخّ الهواء فوق سطح السائل، مع تواجد اللهب، فيتمّ حرق الأكاسيد المختلطة به، ويبقى الزئبق.
استخدامات الزئبق
نظرًا بخواصّ الزئبق النادرة فإنّه يتمّ استخدامه في العديد من الأغراض الصناعيّة والطبيّة، ويمكن تناول استخداماته على النحو التالي:
- الترمومترات الحراريّة: يتمتّع الزئبق بخاصيّة نادرة جدًا، وهي التمدّد المنتظم، مع الزيادة المنتظمة في درجة الحرارة، وبالتالي يتمّ استخدامه في صناعة الترمومترات المختلفة لقياس درجة الحرارة.
- صناعة المصابيح: يتمتّع بخار الزئبق بخاصيّة التوهّج عند مرور شرارة كهربائيّة خلاله؛ ولذلك يتمّ استخدامه في صناعة المصابيح الزئبقيّة المتوهّجة شديدة الإضاءة.
- إنتاج الأشعة فوق البنفسجيّة: كذلك يُستخدم بخار الزئبق في إنتاج الأشعة فوق البنفسجيّة، التي يتمّ استخدامها هي أيضًا في العديد من الاستخدامات الطبيّة والصناعيّة.
- حشو الأسنان: يتمّ استخدام مركّب الزئبق والفضّة طبيًّا، في صناعة مواد حشو الأسنان.
- صناعة البطّاريّات: كذلك يدخل الزئبق في صناعة أقطاب البطّاريّات الكهربائيّة.
- صناعة الأدوية: يتمّ استخدامه في صناعة المركّبات الكيميائيّة الطبيّة المضادّة للفطريّات، وغيرها.
يعتبر الزئبق مادة سحريّة؛ لما يتمتّع به من خواصّ، وهو بالفعل كذلك، ولقد دارت حوله الأساطير التاريخيّة قديمًا، ومازال محور الأساطير في العصر الحديث، فهل سيحقّق الزمن تلك الأساطير يومًا ما، لا أستطيع المجادلة في ذلك بالنفي أو الإثبات.