عندما نكون في حالة سفر ونحن على عجلة من أمرنا، أو نكون على موعد من مشاهدة مباراة كرة القدم، أو غير ذلك، فإنّنا نترقّب دائمًا ساعاتنا على مختلف أنواعها، وإن لم نكن من هواة لبس ساعة اليد فتكون ساعات هواتفنا، إنّ تلك الساعات هي نتاج تراكم مئات السنين من البحث والتجريب، انتقالًا من الساعة الحجريّة التي تزن عدّة أطنان، إلى الساعة الأنيقة المرصّعة في معصم يدنا، هذا شيء، أما الشيء الأكثر روعةً فيها فهو الدقّة المتناهية في ضبط الوقت، والتي تبلغ نسبة الخطأ فيها جزءًا من الثانية كلّ عدّة قرون، وتعريف ساعة هو موضوع مقالنا، فتعالوا نتعرّف عليه أكثر من خلال موضوعنا هذا، فتابعونا.
كيفيّة تقويم الزمن
شغل الوقت وكيفيّة تقويمه الإنسان منذ القدم؛ وذلك سعيًا منه لتنظيم وقته الحالي لآداء أعماله اليوميّة، وكذلك تنظيم وقته مستقبلًا لتحديد وقت زراعته وحصاده، وأيضًا لتنظيم معاملاته الماليّة، فقام بابتكار آلات تقويم الزمن؛ ليستدلّ منها على مرور وقتٍ ما يمكن عَدّه وحسابه، وذلك على النحو الآتي:
تقويم اليوم:
لم يكن الوقت ذو أهميةٍ كبيرةْ عند بداية التقويم، فبدأ الإنسان بتقويم اليوم، وكان يستدلّ على مرور هذا اليوم بتعاقب شروق الشمس وغروبها.
تقويم جزء من اليوم:
مع مرور الوقت وتشعّب حياة الإنسان، وإدراكه لأهمية الوقت، أخذ في تنظيم اليوم ذاته بابتكاره لآلآت الزمن، فكانت الساعة الشمسيّة، وهي عبارة عن مِزولة مسطّحة، ذات علاماتٍ منتظمة، دائريّة الشكل، تتوسّطها سارية (عمود) عموديّة على تلك القاعدة المسطّحة (المِزولة)، وتوضع تلك المِزولة على مستوى مسطّح أفقيًّا من الأرض.
وعند دوران الشمس على مدار اليوم، يدور معها ظلّ العمود الساقط على العلامة، الذي يدلّ بدوره على مرور جزءٍ من الوقت، وكان هناك الأسبوع الذي يدلّ على مرور جملةٍ من عدّة أيام، استقرّ عددها على العدد سبعة أيام.
تقويم الشهر:
أصبح الإنسان يهتمّ بتراكم الوقت، فعمد إلى تقويم الشهر، والمكوّن من الأجزاء الصغيرة وهي اليوم، والأجزاء الصغرى منه، وكان يستدلّ على مرور الشهر من خلال دورة القمر الشهريّة.
تقويم السنة:
تقدّم الإنسان في حساب الوقت واهتمامه به أكثر وأكثر، فكان تقويمه للسنة من خلال مواقع النجوم، فكانت هناك نجومٌ ظهورها يدلّ على مرور العام، والبعض الآخر يدلّ على مرور جملةٍ من الأعوام، ومع تقدّم الحساب وعلم الفلك أصبح تقويم السنة المعروف لدينا اليوم.
تعريف ساعة
للساعة عدّة تعريفات، سنكتفي هنا بتعريفين اثنين وهما، التعريف اللغويّ والتعريف الزمنيّ، فالتعريف اللغويّ يدور حول معنى: “مرور جزءٍ من الوقت قلّ أو كثر”، أمّا من حيث تعريف الساعة زمنيًّا، فقد كانت مدّة الساعة متفاوتة زمنيًّا، وفقًا لدقّة الآلة التي تحسِبها، إلّا أنّها كانت متقاربةً إلى حدٍّ ما، وذلك على النحو الآتي:
أوّلاً: الساعة التي هي جزءٍ من الوقت واسمٌ لآلتها
انتقل مفهوم الساعة إلى مفهوم الآلة التي تحسِبها، وكذلك إلى الجزء من الوقت ذاته، فكانت الساعة المائيّة، وفيها كان انسياب كميّة من المياه دليل على مرور ساعة، والساعة الرمليّة، والتي كان انسياب كميّة معيّنة من الرمل يدلّ على مرور ساعة أيضًا، وساعة الشموع، والتي كان احتراق عددٍ معيّنٍ من الشموع المتتالية يدلّ على مرور ساعةٍ من الوقت، وساعة البخور الصينيّة، ثمّ الساعة الميكانيكيّة، فالساعة الكوارتز، ثمّ الساعة الذريّة.
ثانيًا: الساعة المتناهية الدقّة
مع مرور الوقت وتقدّم التكنولوجيا الميكانيكيّة، ثمّ التكنولوجيا الإلكترونيّة، والنوويّة، فكان له الأثر الكبير على تحديد الوقت كالتالي:
تعريف الساعة: لدقّة الوقت المتناهية أصبحت الثانية هي المدّة أو الوحدة الدوليّة لتحديد الزمن، وتعرّف بأنّها: ” زمن إشعاع عدد 9192631770 من الإشعاعات الصادرة من ذرة السيزيوم”؛ وبالتالي يمكن تعريف الساعة بأنّها: “المدّة الزمنيّة التي تدلّ على تراكم مرور وقتٍ من الزمن قدره 3600 ثانية”.
أجزاء الساعة: تتكوّن الساعة من جزئيين رئيسين، هما الثانية والدقيقة، فالثانية هي كما سبق تعريفها، والدقيقة فهي التي تمثّل مرور 60 ثانية.
مثال تطبيقيّ
قامت السيدة كريمة التي تعمل في أحد المعامل الكيميائيّة، بإجراء تجربة على زمن تحلّل المادة T، فوجدت أنّها تستغرق زمن عدد 2068342148250 إشعاعًا من إشعاعات ذرّة السيزيوم، فكم يكون زمن التحلّل بالساعة؟
*الحلّ: الزمن بالساعة = 2068342148250 ÷ 9192631770 ÷ 60 ÷ 60 = 0.25 ساعة.
في الزمن الماضي لم يكن الإنسان يعبأ بالوقت كثيرًا، ومع ذلك اهتمّ بحسابه، أمّا اليوم فقد أصبح جزءٌ من مليون جزءٍ من الثانية كفيلًا بانشطار قنبلةٍ نوويّة، فصارت الساعة من الجدير أن نحترمها ونقدّرها أكثر وأكثر؛ لأنّنا في المستقبل سنُحاسب بمقدار الذَّرّ.