إذا ما قمنا باستعراض وحدات القياس واحدةً تلو الأخرى، نجد أنّ كلّ نوعيّةٍ من تلك الوحدات لها وحدة أساسيّة تلتفّ حولها بقيّة وحدات النوعيّة الواحدة، فبالنسبة لوحدات الوزن نجد أنّها تلتفّ حول وحدة الجرام، وبالنسبة لوحدات الطول نجد أنّها تلتفّ حول وحدة المتر، ووحدات الحجوم تلتفّ حول وحدة اللتر، وهكذا نجد وحدات الزمن تلتفّ حول وحدة الثانية، وإذا ما قمنا باستعراض طبيعة ما يتمّ قياسه بهذه الوحدات السابقة، نجد أنّها تجمعها طبيعة واحدة وهي ماديّة ما يتمّ قياسه، سواء كان وزن أو طول أوحجم، عدا الزمن فهو يتفرّد بكونه شيءٍ معنويٍّ قابلٍ للقياس بوحدة الثانية، وتعريف ثانية هي موضوع مقالنا، فتابعونا.
خصائص الزمن
إذا ما خلونا بأنفسنا في غرفةٍ مظلمةٍ وطال بنا الوقت بعيدًا عن كلّ شيء، أو إذا ما استقلّينا سيّارتنا متّخذين وجهتنا بأقصى سرعةٍ طاوين الأرض طيًّا، أو إذا ما ما مارسنا أعمالنا المحبّبة إلينا غير مدركين أي شيءٍ حولنا، فسنجد جميع ما سبق أمام الزمن سواء، فهو لم يطل ولم يقصر، ولم يتوقّف، ويمكن تناول بعضًا من خصائصه كشيءٍ قابلٍ للقياس على النحو التالي:
- آنيُّ القياس: أي يتمّ قياس الزمن الراهن أو اللحظة الراهنة فقط؛ لأنّنا لا نستطيع إعادة قياس الماضي لنتحقّق أنّه كما مضى فعلًا، ولا نستطيع أيضًا قياس المستقبل للحكم عليه أنّه سيأتي كما يجب، ولكنّنا نستطيع هذا مع الشيء الموزون، أو غيره، فأستطيع إعادة وزنه مرّات ومرّات للتحقّق من الوزن الصحيح.
- الثبات والاستقرار: ربّما يتأثّر الطول بالحرارة، فإذا ما قمنا بقياس الحديد ساخنًا، فسنجد طوله مغايرًا عمّا هو بارد، والوزن ربّما يتأثّر بعوامل التعرية، بينما الزمن لا، فهو لا يتأثّر مطلقًا بالعوامل الأخرى.
- الامتداد والاستغراق: عندما نقوم بعمليّة قياس الحجم، أو الطول، أو الوزن، فيمكننا تبعيضه وتجزئته وقياسه أجزاء، بينما الزمن لا يمكننا تجزئته، فيمكن أن تقيس جزءًا من الزمن، لكنّ الزمن يبقى ككلٍّ واحد كما هو، فهو ممتدٌّ من الماضي عبر الحاضر إلى المستقبل، لا يمكن تجزئته مطلقًا.
تعريف ثانية
يوجد للثانية تعريفان، أحدهما رئيس، وهو تعريفها كوحدة قياسٍ للزمن، والثاني هندسيٌّ باعتبارها وحدة قياس للزوايا الدائرية، ويمكن تناولهما كالآتي:
الثانية كوحدة قياسٍ للزمن:
كما ذكرنا أنّ للزمن طبيعةً خاصّةً تميّزه عن بقيّة الأشياء الخاضعة للقياس، فوحدة قياسه أيضًا تتمتّع بنفس خصائصه؛ ولذلك عند معايرة وحدة قياسه فإنّه يتمّ معايرتها بطريقةٍ تتّفق وتلك الخصائص؛ ولذلك تمّ معايرتها بفترة إشعاعات لعددٍ معيّن من إشعاعات عنصر السيزيوم. وعليه يمكن تعريفها بأنّها: “الفترة التي يستغرقها إشعاع عنصر السيزيوم لعدد 9,192,631,770 شعاعًا، بالانتقال بين مستويات الطاقة له” وأجزائها المللي ثانية؛ حيث تحتوي الثانية على 1000 مللي ثانية.
الثانية كوحدة قياسٍ للزوايا الدائرية:
تُستخدم وحدة الدرجة لقياس الزوايا الدائرية، فنقول قياس < (ب) 90 درجة، ولكن تمّ تقسيم الزاوية أيضًا إلى عدّة أجزاء ثانوية، هي الدقيقة والثانية، فالدرجة تساوي 3600 ثانية درجة.
أمثلة تطبيقيّة
- مثال 1: في ∆ أ ب ج قياس < (ب) = (°80)، قياس < (أ) = (5= 55– °70)، فكم يكون قياس < (ج)، إذا علمت أنّ مجموع قياسات زوايا المثلث °180؟
- الحلّ: قياس <(ج) = °180 – 5= 55- ° 70 – 80 = 55= 4- °29
- مثال 2: سافر أيمن من مدينته إلى مدينة القاهرة مستغرقًا زمنًا قدره 55 دقيقة، فكم تكون بوحدة الثانية؟
- الحلّ: المدّة بوحدة الثانية = 55 × 60 = 3300 ثانية.
- مثال 3: إذا كانت المدّة الباقية 15 ثانية لتصبح الساعة العاشرة، فكم تكون الساعة الآن؟
- الحلّ: الساعة الآن = 00 00 10 – 15 00 00 = 45 59 09 .
على الرغم من صغر وحدة الثانية في مفهومنا نحن، إلّا أنّها فيزيائيًّا تعدّ حدثًا جللًا؛ فهي تشير إلى المدّة اللازمة لانبعاث أكثر من تسعة مليون شعاع سيزيوم، من خلال تردّده الإلكترونيّ بين مداراته، فإذًا تعدّ الساعة أمرًا جُلَّ عظيم، فيجب أن نستهلكه في أمرٍ عظيمٍ أيضًا.