تعتبر الحرارة من أهم مظاهر الحياة على الأرض، فبدونها تفقد الأرض أهم مقوّم من مقوّمات الحياة عليها، بالنسبة لجميع الكائنات الحيّة، بدون أي استثناء، وتؤثر الحرارة في المادة بشكل أو بآخر؛ فهي قادرة على إعادة تشكيل المادة فيزيائيًا، وإعادة بنائها جزيئيًّا، ولكي تؤثر الحرارة في المادة ، أو أن يستفيد بها الإنسان؛ فلابد من أن تنتقل تلك الحرارة من مصدرها إلى المادة، أو الإنسان بأي طريقة من طرق انتقال الحرارة، وهو ما سوف نتحدّث عنه في مقالنا، فتابعونا.
ماهيّة الحرارة ومفهومها
عندما نشعل ثقابًا، أو كومة من الحطب، فنحن نحرر الطاقة الكامنة في هذه المواد، تلك الحرارة أو الطاقة الكامنة التي استمدتها من الشمس، أو من خلال بنائها الضوئيّ على مدار فترة نموها؛ ولذا عند الاقتراب منها فنحن نحسّ بتلك الحرارة، أو تلك الطاقة المنبعثة منها باحتراقها.
وعملية الاحتراق تلك ما هي إلا تفاعل كيميائي،ّ بمثابة هدم للمادة، وأيضًا هي في نفس الوقت، تغيّر فيزيائيّ لمكونات تلك المادة المحترقة، وعند احتكاك الأجسام ببعضها البعض، أو إدارة المدفأة، فنحن نحسّ بالحرارة أيضًا، ولكن في هذه الحالة، ما هو إلا تحويل للطاقة من صورة إلى أخرى.
وعلى ذلك يمكن تعريف الحرارة بأنها: “شكل من أشكال الطاقة الفيزيائيّة، أو الكيميائيّة، التي تنتج عن حركة الذرات أو الجزيئات، أو تحوّل المادة من صورة إلى أخرى”.
طرق انتقال الحرارة
تستطيع الحرارة الانتقال من وسط إلى وسط آخر، أو من مادة لأخرى، بعدة طرق، ويمكن إيضاح تلك الطرق في الآتي:
التوصيل (الانتشار الحراري) Conduction
وتنتقل الحرارة بهذه الطريقة، من خلال تلامس وسطين، أحدهما أعلى في درجة الحرارة، بينما الآخر أقلّ حرارةً منه، فتتدفق الحراة من الوسط الأعلى إلى الوسط الأقلّ حرارة، حتى يصل الوسطان إلى درجة حرارة متوسطة لكل منهما، أي ترتفع درجة حراة الأقلّ وتنخفض درجة حرارة الأعلى بنفس الدرجة، حتى يصلا معًا إلى الوسط الحسابيّ الحراريّ لدرجة حرارتهما.
الحمل Convection
تنتقل الحرارة أيضا بين السوائل ولكن بخاصيّة، أو بطريقة أخرى وهي النقل، وقد تترافق أيضًا مع عملية انتقال الحرارة، انتقال الكتلة ، وهو ما يسمى بالزخم، وتكون آلية انتقال الحرارة في السوائل، بأن تنتقل الحرارة عبر طبقات السائل المتتالية؛ حيث أن الطبقات من السائل التي ترتفع درجة حرارتها، تنتقل وترتفع إلى أعلى، والطبقات الباردة تنتقل بالهبوط إلى أسفل، وتظل هذه العمليّة في حركة ديناميكية بين الصعود والهبوط، حتى تتجانس جميع طبقات السائل في درجة الحرارة.
الإشعاع Radiation
وفيه تنتقل الحرارة بين وسطين دون تلامسهما، كالإحساس بدرجة حرارة الجسم الساخن، بمجرد الاقتراب منه دون لمسه، وكالإحساس بحرارة أشعة الشمس مثلًا.
العوامل التي يتوقف عليها انتقال درجة الحرارة
يتأثر انتقال درجة الحرارة بين الأوساط، بعدّة عوامل، يمكن تبيانها في الآتي:
مدى الفرق بين درجة حرارة الوسطين:
فكلما كان الفارق في د جة الحرا رة بين الوسطين كبيرًا، كلما انتقلت الحرارة أسرع، أو بمعنى أدقّ كان معدل الانتقال للحرارة أكبر.
جودة الوسط لنقل الحرارة
فكلما كان الوسطان جيديّ التوصيل للحرارة، كلما انتقلت الحرارة فيما بينهما بشكل أكبر، فدرجة انتقال الحرارة بين الوسطين، تتناسب طرديًا مع قدرة الوسط على نقل الحرارة.
نوعية الوسط
تنتقل الحرارة بالتوصيل والحمل بين وسطين ماديين، كانتقال الحراة باللمس بين اليد وجسم ساخن، أو انتقال الحرارة بين السوائل، بينما تنتقل الحرارة بالإشعاع، فلا يحتاج إلى وسط ماديّ لكي تتمّ عملية نقل الحرارة، كالإحساس بدرجة حرارة الشمس، وتكون درجة انتقال الحرارة بالتوصيل والحمل، أسرع من انتقال الحرارة بالإشعاع.
ولقد استفاد العلماء كثيرًا، من إدراكهم لكيفية انتقال الحرارة بين الأوساط المختلفة، ويظهر هذا جليًّا، في ابتكارهم لطرق ناجحة، في خفض درجة حرارة السيارات، والطائرات فائقة السرعة، واختيار نوعيّة معادن أواني الطهي، وطريقة عمل أجهزة التكييف؛ لتعمل بشكل أفضل، وما إلى ذلك من الابتكارات التى تخدم البشريّة.