يعتبر الزمن من أغرب الكميّات الفيزيائيّة القابلة للقياس؛ فهو قابلٌ للتمدّد والاتّساع غير المحدود، وقابلٌ للتغيّر المكانيّ، ويتوقّف على نقطة الرصد الزمكانيّة، ويمكن للزمن أن يبتلع الراصد فلا يشعر بالزمان مطلقًا، أي يتوقّف الزمن توقّفًا مطلقًا بالنسبة له، وعلى النقيض فكما أنّ الزمن قابلٌ للتمدّد فهو قابلٌ للانكماش أيضًا، هذا ما أشارت إليه نظريّة النسبيّة العامة لأينشتاين، ولكن بعيدًا عن المفاهيم الغامضة التي لا يتّسع المجال لتناولها، فإنّنا على جانبٍ من جوانب نظريّة النسبيّة أيضًا، فيمكننا قياس الزمن ككميّة فيزيائيّة مطلقة، ويمكننا من خلالها تحديد الوحدة الأولى وهي الثواني، ومن ثَمّ الدقيقة، فالساعة، فاليوم، فالشهر، فالسنة، ويمكننا حساب كم عدد الثواني في السنة، وهو موضوع مقالنا، فتابعونا.
السنة كم ثانية؟
ربما يستغرب البعض التطرّق إلى كميّة السنة من الثواني ، ولكنّ الشاعر العربيّ ذا الحسّ المرهف لم يستغرب ذلك، حيث قال:
“دقّات قلب المرء قائلةٌ له … إنّ الحياة دقائقٌ وثواني”.
وبالفعل الحياة هي كذلك، فلم يبالغ شاعرنا أحمد شوقي في هذا، وعليه يمكننا القول بأنّ السنة بوحدة الثواني هي:
365.25 × 24 × 60 × 60 = 31,557,600 ثانية.
كم عدد الثواني في السنة؟
السنة الواحدة يوجد بها 31,557,600 ثانية.
أجزاء الوقت
- يعتبر التاريخ العربيّ زاخرً بجهود العلماء العرب ومحاولاتهم الحثيثة لقياس الوقت بأعلى دقّة ممكنة، ولا ينسى التاريخ إهداء هارون الرشيد أحدث ساعة عربيّة الاختراع للقائد الفرنسيّ “قارله”- شارل مارتيل- وكانت ساعة متناهية الدقّة وقتئذٍ حتّى قيام الصين باختراع أوّل ساعة ميكانيكيّة على يد المخترع “ليانغ شينغ”، ثمّ اختراع الساعة البندوليّة على يد المخترع كريستيان هويغنز أو هيوغينز عام 1656م.
- وقد سبق وأن قام البابليّون بتجزئة اليوم إلى 24 جزء، على اعتبار أنّ اليوم يومٌ وليلة، أي فترة النهار والليل كاملتان منذ بزوغ الشمس حتّى ما قبل بزوغ شمس اليوم التالي، بما يعادل 12 جزء لكلٍّ من الليل أو النهار، ويطلق على كلّ جزءٍ مصطلح “ساعة”، وهو التقسيم الذي مازال معمولًا به حتّى يومنا هذا.
- ويظلّ الجزء من الوقت في عصرنا الحديث هو “الساعة”، ولكن شتّان ما بين ساعة اليوم وساعة القرون الماضية، ففي القرون الأولى كان كلّ جزءٍ من 24 جزء من اليوم يمثّل وحدة زمنيّة ضئيلة، بينما اليوم الساعة هي مضاعفات لمليارات الوحدات الزمنيّة وفقًا لمقياس الساعة الذريّة التي تحسب الزمن بالنانو ثانية، أي (⁹-10)/s أي 0.000000001 من الثانية.
- وفي الماضي وقبل اختراع الساعة الذريّة كانت معايرة وحدة الثانية تقاس بالحركة البندوليّة للساعة البندوليّة، وهي عبارة عن زمن مرور بندول الساعة على طرفيّ قوس محدّد مسبقًا ذهابًا ثمّ إيابًا، فكان زمن مرحلة الذهاب أو الإياب تُعبّر عن نصف ثانية، بينما مجموع زمنَيّ الحركتين معًا كان يمثّل ثانية كاملة.
- ولكنّ الآن وفي ظلّ الساعة الذريّة تقاس الثانية بزمن تردّد إشعاع عنصر السيزيوم 133، بما يعادل 9,192,631,770 فترة إشعاع، بنسبة خطأ واحد ثانية كلّ 30,000,000 سنة !!، ففي خلال المائة عام الماضية تضاعفت دقّة تقسيم الوقت إلى 500,000,000 مرّة.
الأجزاء الكليّة للزمن
درج الإنسان منذ القدم على تقسيم الزمن الكليّ إلى أيامٍ ثمّ شهورٍ ثمّ سنوات، وباتّخاذ السنة الميلاديّة وحدة معياريّة للسنوات تصبح السنة عبارة عن:
من حيث الشهور تساوي 12 شهرًا .
من حيث الأيام تساوي 365.25 يومًا.
من حيث الساعات تساوي 8,766 ساعة.
من حيث الدقائق تساوي 525,960 دقيقة.
وبالفعل ما الأيام والسنون إلا تراكمٌ لتلك الثواني الضئيلة، التي قد يستقلّها ويستحقر شأنها البعض، ويبعثرها ما بين التلفاز والمقهى أو أشياءٍ مماثلةٍ أخرى، فلعلّه يكون باطّلاعنا على هذا الرقم الذي تتكوّن منه السنة بتراكم تلك الأجزاء الضئيلة من الثواني، يجعلنا نغيّر من استراتيجيّة استهلاكنا لأعمارنا.